وشيءٌ آخر، وهو أنَّه لَمَّا كان يحْجِبُ الإخوة والأخوات للأمِّ فيمنعهم الثّلث الَّذِي لولاه أخذوه، أُعْطِيَ هو الثّلث، فهذا معنى قول مالكٍ وحجّته، والله أعلم.
وفي المسألة أدلةٌ كثيرةٌ، اقتصرنا على ما ذكرناه؛ كراهية التَّطويل.
فأمَّا مقاسمة الجدِّ مع الأخوات، وتركه أن يفرض للأخوات مع الجدِّ، فالحُجَّة لذلك، أنَّ الأخَ لَمَّا كان يقاسم الأخت - وهو أضعف حالاً وسبباً من الجدِّ -، وكانت الأخت تأخذ مع أخيها الثّلث، وجب أن تكون كذلك مع الجدِّ في ألَّا تأخذ أكثر من الثّلث، ولم يجُز أن يُنْقَص الجدُّ من الثُّلثين معها إذا كان أقوى سبباً من أخيها.
فأمَّا الغَرَّاءُ - وهي الأَكْدَرِيَّةَ -، فَإِنَّهُ لَمَّا لم يبقَ للأختِ شيءٌ تأخذه، ولم يجز إِسقَاطُها، فُرِضَ لها ضرورةً؛ لأنَّهُ لا يجوز أن تدخل في سدس الجدِّ، ولا ثلث الأمِّ، ولا نصف الزَّوج، ولا بد من أن تُعْطَى، إذ ليس في المسألة من يمنعها ويحجبها، فاحتيج حينئذٍ إلى الفرض؛ للضَّرورة إلى ذلك، ثمَّ رجع إلى الأصل