وإن قصد به أنه مصاحب عطف لإفادة نفي الجمع، وليس مبنيا على مبتدأ محذوف نصب، كقولك: ما تأتينا وتحدثنا، على نفي الجمع بين الإتيان والحديث، على معنى: ما تأتينا محدثا، أي تأتي ولا تحدث.
ونصبه عند الكوفيين بالواو. وعند البصريين بأن لازمة الإضمار، وما قبل الواو في تأويل مصدر معمول لفعل محذوف ليصح العطف عليه، والتقدير: ما كان منك إتيان وحديث، فنصبوا الفعل على هذا التأويل، ليدلوا على المصاحبة، ونفي الجمع، وإنما يكون ذلك في مواضع الفاء.
وأما الأمر فكقولك: زرني وأزورَك، فالنصب على معنى، زرني مع زيارتي لك، أي اجمع بين الزيارتين، والتقدير: لتكن زيارة منك وزيارة مني، قال الشاعر:
فقلت ادعِي وأدعُوَ إن أندى ... لصوت أن ينادى داعيان
وأما النهي فكقولك: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، والتقدير: لا يكن منك أكل للسمك وشرب للبن. ويجوز فيه الجزم على التشريك والنهي عن كل من الفعلين، والرفع على إضمار مبتدأ، والواو للحال، كأنه قيل: لا تأكل السمك وأنت تشرب اللبن، أي في حال شرب اللبن، أو على الاستئناف، كأنه قيل: ومشروبك اللبن، أكلت السمك أو لم تأكله، فأما قول الأخطل:
لا تَنْهَ عن خلق وتأتي مثلَه ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيمٌ
فالنصب على معنى: لا تجمع بين أن تهى وتأتي، ولو جزم كان المعنى فاسدا، ولو رفع جاز على إضمار مبتدأ، والواو للحال، لا على الاستئناف.