للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كي، فالأول نحو قولك: أنا أسير حتى أدخلها، تريد أن الدخول نهاية للسير، ومثله: لأمشينّ حتى تغيب الشمس، وقوله: (قالوا لن نبرحَ عليه عاكفين حتى يرجعَ إلينا موسى).

والثاني كقولك: سرت حتى أدخلَها، تريد أن الدخول غاية للسير، ومثله: سألته حتى يعطيني، ولأتوبنّ حتى أدخل الجنة.

وزاد الشيخ رحمه الله كونها بمعنى إلّا أنْ، واستشهد بقول الشاعر:

ليس العطاءُ من الفضول سماحةً ... حتى تجود وما لديك قليلُ

بناء على أنك لو جعلت "إلا أن" مكان حتى فقلت: ليس العطاء من الفضول سماحة إلا أن تجود وما لديك قليل، كان المعنى صحيحا. وأرى أنك لو جعلت "إلى أن" مكان حتى لم يكن المعنى فاسدا.

وإذا كان الفعل بعد حتى غاية أو علة في تمام الجملة التي قبلها فعند سيبويه أنها حرف جر، والفعل بعدها نصب بأن مضمرة، ولا يجوز إظهارها، لأن حتى صارت لطولها بدلا من اللفظ بأن. وعند الكوفيين النصب بعد حتى بها، ولو أظهرت أن فقيل: لأسيرن حتى أن أصبح القادسية، جاز وكان النصب بحتى، وأن بعدها توكيد.

قال الكسائي: حتى لا تخفض، إنما تخفض بعدها إلى مضمرة ومظهرة، فيقال: أكلت السمكة حتى رأسِها، فقد حصل بهذا أن حتى لا تعمل في الأسماء شيئا إذا كان الخفض بعدها بغيرها.

وقال الفراء: حتى من عوامل الأفعال، وقال في: (مطلع الفجر) هي الخافضة لمطلع لما قامت مقام إلى.

والمختار قول سيبويه، لأنه لو كانت حتى هي الناصبة للفعل للزم إما حسن

<<  <  ج: ص:  >  >>