وتتعين الناصبة بعد اللام إذا اضطر الشاعر فأظهر أن بعدها، كقول الشاعر:
أردتَ لكيما أن تطيرَ بقرْبتي ... فتتركها شَنًّا ببيداءَ بَلْقعِ
لأنه إذا لم تظهر أنْ بعد كي وكان قبلها اللام فليس في جعلها الناصبة، وهي وصلتها في موضع الجر باللام، مخالفة لأصل، ولا ارتكاب لشذوذ. وفي جعلها جارة مؤكدة للام نصب الفعل بعدها بإضمار "أن" وهو خلاف الأصل، وتوكيد الحرف بالحرف وهو في غاية الشذوذ، فوجب اجتنابه.
وتتعين الجارة قبل اللام، كما ندر في قول حاتم:
فأوقدتُ ناري كي ليُبْصِرَ ضَوْءَها ... وأخرجت كَلْبي وهو في البيت داخله
وقول الطرماح:
كادوا بنصر تميم كي ليُلْحِقَهم ... فيهم فقد بلغوا الأمر الذي كادوا
فكي في نحو هذا حرف جر قطعا، واللام بعدها مؤكدة، لأن توكيد حرف بمثله ثابت، وتأخير اللام عن الحرف المصدري غير ثابت.
وإذا ظهرت أن بعد كي نظرت، فإن لم يكن قبلها اللام كما في قوله: كيما أن تغر وتخدعا، احتمل أن تكون الجارة، وقد شذ إظهار أن بعدها للضرورة، وأن تكون الناصبة للفعل، وقد شذ توكيدهما بأن للضرورة، والراجح كونها جارة، لأن توكيدها الحرف بالحرف شاذ في الاستعمال دون القياس، فكان القول به أوْلى.