للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قوم: لا يتوجه التكليف إلا عند المباشرة (١)، وحكم المصنف بأنه التحقيق (٢).

واستشكل: بأنه إذا كان التكليف عند المباشرة، فلمَ وقع اللوم قبلها؟

أجاب: بأنه لِيمَ على كف النفس عن الفعل، وذلك الكف منهيّ عنه.

هذا، وإن شئت تحقيق المقام بما لا مزيد عليه، فاسمع لما يتلى عليك.

أقول: قد نقل عن الشيخ الأشعرى: أن القدرة الكاسبة للفعل مقارنة له ولا يجوز تقدمها؛ لأنها عرض، وعنده أن العرض لا يبقى زمانين (٣)، فلو تقدمت لزم وقوع الفعل بلا قدرة، وهو محال فثبت أنها معه (٤)، فالتكليف بالفعل لا يكون إلا عند المباشرة لا قبله، وعلى هذا مشى جمهور الأصوليين.


(١) وما قبل ذلك إنما هو إعلام للعبد بأنه في الزمان الثاني -وهو وقت المباشرة- يكون مكلفًا بالفعل.
(٢) واختاره الإمام الرازي وحكاه عن الأشاعرة، ورجحه القاضي البيضاوي، وذكر إمام الحرمين أن هذا المذهب لا يرتضيه لنفسه عاقل، واعتبر الآمدي القائل به شاذًا، كما ضعفه الأسنوي والبناني، وسكت عنه المحلي واكتفى بنسبته إلى المصنف.
راجع: البرهان: ١/ ٢٧٩، والمحصول: ١ / ق / ٢/ ٤٥٦، والإحكام ١/ ١١٣، والإبهاج: ١/ ١٦٥، ونهاية السول: ١/ ٣٣١، والمحلي على جمع الجوامع: ١/ ٢١٧.
(٣) سيأتي الكلام على هذه المسألة في آخر الكتاب ٤/ ٣٨٢.
(٤) راجع: البرهان: ١/ ٢٧٧، وتشنيف المسامع: ق (٢٠/ ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>