للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشأن الشطان، مع هذا أن يوسوس له، ويقول: أنت قاعد تنتظر من أين يأتيك لقمة تسد بها جوعتك، أين أنت من كسب الحلال الذي كان شأن الأنبياء، والصديقين؟

أما لك أسوة بأبي بكر الصديق (١)، وعمر بن الخطاب، وأشراف الصحابة؟ لو خرجت، وتسببت في تحصيل حلال، وتناولت بعضه، وتصدقت ببعضه كان خيرًا لك من عبادة سنين، وقصده إفساد وقته، وإبطال ما هو عليه.

وبضد ذلك، مع من يقوم بفرائضه، وبعض سببه، وينفق على عياله، ويحتمل المشاق، والتعب، ويكف نفسه عن مذلة السؤال، وهو ماش على طريقة وسطى، فيأتيه، ويقول: ما هذا التعب الذي أنت فيه؟ ألم تصدق قول اللَّه، وقول رسول اللَّه -في كم آية، وكم حديث- أنه ضمن لعباده الرزق؟ وقد جف القلم بما قدر لك لا يزيد، ولا ينقص، فيا أيها المسكين لم لا تنقطع إلى ذكر اللَّه تعالى وعبادته؟ وقد بقى لك من العمر أيام تتلافى فيها ما أسلفت من السيئات.

وقصده بهذا الوسواس إيقاع ذلك الماشي -على الاستقامة- في أودية الأفكار.


(١) عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: "لما استخلف أبو بكر الصديق قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مرنة أهلي، وشغلت بأمر المسلمين فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال، ويحترف للمسلمين فيه".
راجع: صحيح البخاري: ٣/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>