للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= والأدلة الساطعة، منها: أنه تتغير عليه الصفات، ويخرج من حال إلى حال، وهذا آية الحدوث، مقتفين في ذلك طريقة الخليل صلوات اللَّه وسلامه عليه، فإن اللَّه سماها حجة، وأثنى عليه حيث استدل بأفول الكواكب، وشروقها، وزوالها بعد اعتدالها على حدوثها، واستدل بحدوث الآفل على وجود المحدث، والحكم على السماوات والأرض بحكم النيرات الثلاثة، وهو الحدوث، طرد الدليل في كل ما هو مدلوله ليساويهما في علة الحدوث، وهو الجسمانية، فإذا وجب القضاء بحدوث جسم من حيث إنه جسم وجب القضاء بحدوث كل جسم، وهذا هو المقصود من طرد الدليل، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [الأنعام: ٧٥ - ٧٦] إلى قوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: ٨٣].
وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي اللَّه عنه قال: جاء نفر من اليمن قالوا: يا رسول اللَّه جئنا نتفقه في الدين، ونسألك عن أول هذا الأمر، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كان اللَّه ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب كل شيء في الذكر، وخلق السماوات، والأرض، وفي لفظ ثم خلق السماوات والأرض".
قال أهل الحق: وهذا تلقين من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إياهم أصول الدين، وتعريف لهم حدوث العالم، ووجوده بعد أن لم يكن موجودًا، وانفراد الرب بالوجود الأول دون ما سواه من سائر الموجودات.
وفي الاعتراف بانقضاء العالم، وفنائه اعتراف بحدوثه إذ القديم لا يفنى.
راجع: صحيح البخاري: ٩/ ١٥٢، والمحصل للرازي: ص/ ١٩٤، ٢١٣، ومعالم أصول الدين له: ص/ ٤١، والمواقف في علم الكلام: ص/ ٧٦، ٢٦٦، وتشنيف المسامع: ق (١٤٩/ أ)، وهمع الهوامع: ص/ ٤٤٢، والغيث الهامع: ق (١٥٨/ أ - ب)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام: ٢/ ١٨٨، ٥/ ٥٣٩ - ٥٤٠. =

<<  <  ج: ص:  >  >>