بابين كما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل وذلك في أيام خلافته، فلما قتل ابن الزبير ووُلِّي الحجاج بن يوسف من قِبَل عبد الملك بن مروان، أعاد البناء إلى ما كان عليه ونقض ما زاده ابن الزبير وجدده، وهو البناء الذي هو البيت عليه إلى يومنا هذا, ولذلك قال ابن عمر: ما أظن ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استلام الركنين اللذين يليان الحجر، إلا أنهما ليسا على قواعد إبراهيم، فإن قواعد إبراهيم من الجهة التي تلي الحجر داخلة يومنا هذا في جملة الحجر، فكان الاستلام لهذين الركنين العراقي والشامي لا يكون على القواعد الإبراهيمية.
وحدثان الشيء -بكسر الحاء وسكون الدال- أوله، تقول: ذلك الأمر يحدثانه وحداثته: أي في أوله وطراوته.
وقوله في رواية أبي داود:"ولا طاف من وراء الحجر إلا لذلك" يعني بعض البيت في الحجر وهو القدر الذي صرفته قريش منه لما بنوه.
والطواف واحد أن يكون حول البيت جميعه، فلو طافوا داخل الحِجْر لأدى إلى أن يطوفوا داخل البيت، على تلك القطعة المحذوفة منه الداخلة في الحجر، ولذلك طافوا من وراء الحِجْرِ لتدخل تلك القطعة في الطواف.
والذي ذهب إليه الشافعي (رضي الله عنه) أن الطائف يلزمه أن يطوف وراء الحجر، وليس له أن يدخل الحجر ويتخطى الأذرع الستة المتصلة بالبيت، لأنه لو فعل ذلك لكان داخلًا في البيت، ولا يصح طوافه ولا يعتد به، فلو تسوَّر جدار الحجر المبنى حوله وخلف مقدار الأذرع الست واستظهر بزيادة عليها، ثم نزل من جدار الحجر إليه وقطع الحجر إلى جانبه الآخر على هذا السمت، اعتَّد بطوافه وإن كان ما جاء به مكروهًا، فإن طاف في الحجر استأنف الطواف وقضى.
وقال أبو حنيفة: إن كان بعد [الأصل](١) مكة قضى من كل شوط بقدر