قال الشافعي: وهذا لا يخالف حديث عائشة، إنما أمره - صلى الله عليه وسلم - فيما نرى -والله أعلم- للصفرة عليه، لأنه نهى أن يتزعفر الرجل، وذكر حديث النهي عن التزعفر وسيجيء هذا الحديث.
قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه: أن من أحرم وعليه ثياب مخيط، لم يجب عليه إلا نزعها من رأسه ولا يلزمه تمزيقها. وإلى هذا ذهب الفقهاء.
وروي عن النخعي أنه قال: يشقه.
وعن الشعبي أنه قال: يمزق ثيابه.
وهذا خلاف السنة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بخلع الجبة، وخلعها إنما يكون من جهة الرأس.
وفيه: أن المحرم إذا لبس ناسيًا فلا شيء عليه، لأن الناسي في المعنى كالجاهل، وهذا الرجل كان حديث العهد بالإِسلام جاهلاً بأحكامه، فعذره النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك، فلا يلزمه غرامة.
قال: وقد يتوهم من لا ينعم النظر أن أمره إياه أن يغسل أثر الخلوق أو الصفرة، إنما كان من أجل أن المحرم لا يجوز له أن يتطيب قبل الإحرام بما يبقى أثره بعد الإحرام، وليس هذا من أجل تلك ولكن من قبل أن التضمخ بالزعفران حرام على الرجل في حال حرمه وحله.
وقال القفال الشاشي: وكل ما لبسه الرجال من الثياب الطاهرة المصبوغة، من جلد وشعر، وصوف وقطن فهو مباح ما لم يكن حريرًا أو ديباجًا، أو ما يدخل في عامة ملابس النساء من الثياب المصبغة بالخلوق والعصفر ونحوهما، وكذلك المعصفر بما لا يلبسه إلا النساء، لما فيه من الشهرة ولما له من التزين والرونق والأخذ بالأبصار والقلوب.