للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عز وجل- ثم أحرم، ثم استوى على راحلته فاستقبل بطن سَرف حتى لقي طريق مكة فأصبح بمكة.

وأما الترمذي (١): فأخرجه عن محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن مزاحم بالإسناد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الجعرانة ليلاً معتمرًا، فدخل مكة ليلاً فقضى عمرته ثم خرج من ليلته فأصبح بالجعرانة كبائت، فلما زالت الشمس من الغد، خرج من بطن سرف حتى جاء مع الطريق طريق جمع ببطن سرف، فمن أجل ذلك خفيت عمرته على الناس.

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ولا نعرف لمحرش الكعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث.

وأما النسائي (٢): فأخرجه عن هناد بن السري، عن سفيان يإسناد الشافعي ولفظه، وزاد فيه بعد قوله: ليلاً كأنه سبيكة فضة.

وفي أخرى: عن عمران بن يزيد، عن شعيب، عن ابن جريج. وذكر نحو الترمذي.

الجعرانة: موضع قريب من مكة وتخفف راؤه وتشدد، وهو خارج من الحرم وأبعد عنه من التنعيم.

والبائت بالمكان: الذي ينقضي الليل عليه وهو فيه سواء كان نائمًا أو يقظان، يريد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قفل من غزوة حنين كان بالجعرانة فأحرم منها بعمرة في الليل، ومضى إلى مكة فطاف وسعى وقضى عمرته ثم عاد إلى الجعرانة، فكان بها في الليل وأصبح فيها كمن كان بائتًا بها، وقد أوضح الترمذي هذا في روايته مصرحًا به.

وأما رواية أبي داود ففي لفظها تناقض لأنه قال: "فأصبح بمكة كبائت" وإنما ينبغي أن يكون فأصبح بالجعرانة كبائت، وقد رأيته في هذه نسخ كذلك ولعله


(١) الترمذي (٩٣٥).
(٢) النسائي (٥/ ٢٠٠، ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>