للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعلماء يقسمون الاستئناف إلى نوعين: استئناف بياني، واستئناف نحوي) (١). ويهمنا هنا الاسئناف النَّحْوِيّ الذي يقصد به: «عدم تعلق الجملة نحويا بما قبلها، تعلق إتباع أو إخبار أو وصف إو حال أو صلة؛ أي أَنَّهُ يؤدي إلى انفصال الجملة المستأنفة عن الجملة السابقة عليها إعرابيا») (٢).

ومن أنواع الاستئناف النَّحْوِيّ نوع «يتضمن الجمل المقطوعة عما قبلها بواسطة حرف من أحرف العطف الآتية: أو، الواو، الفاء، ثُمَّ، حتى، أم المنقطعة، بل، لكن») (٣).

ويقول المرادي عن الواو وأنواعها: «الثاني من أقسام الواو: واو الاستئناف، ويقال: واو الابتداء. وهي الواو التي يكون بعدها جملة غير متعلقة بما قبلها، في المعنى، ولا مشاركة له في الإعراب. ويكون بعدها الجملتان: الاسمية والفعلية ... وذكر بعضهم أنَّ هذه الواو قسم آخر، غير الواو العاطفة. والظاهر أنَّها الواو التي تعطف الجمل، التي لا محل لها من الإعراب، لمجرد الربط، وإنَّما سميت واو الاستئناف، لئلا يتوهم أنَّ ما بعدها من المفردات، معطوف على ما قبلها») (٤).

وإلى الاستئناف النَّحْوِيّ يشير سيبويه قائلا: «وتقول: ما عبدُ الله خارجًا ولا مَعْنٌ ذاهبٌ، تَرفعه على أَنْ لا تُشركَ الاسمَ الآخِرَ في ما ولكن تَبْتَدِئُهُ، كما تقول: ما كان عبدُ الله منطلقا ولا زيدٌ ذاهبٌ، إذا لم تجعله على كانَ وجعلتَه غير ذاهب الآن. وكذلك ليس. وإن شئت جعلتها لا التي يكون فيها الاشتراك فتنصب، كما تقوم في كان: ما كان زيدٌ ذاهبا ولا عمرو منطلقا. وذلك

قولُك: ليس زيدٌ ذاهبا ولا أخوك منطلقا، وكذلك: ما زيدٌ ذاهبا ولا معنٌ خارجا») (٥).

جملة «ما كان عبد الله منطلقا ولا زيد ذاهبا» يمكن أَنْ تُجعل «لا» لتأكيد النفي الذي قبلها، ويُعطَف آخر الكلام على أوله من خلال العطف بالواو على العامل الذي قبلُ، كما قال السيرافي.

ويمكن أَنْ تقال الجملة السابقة كما يلي: «ما كان عبد الله منطلقا ولا زيدٌ ذاهبٌ» برفع

«ذاهب». ويوجه سيبويه هذا التوجيه على أَنَّ «لا» لا تشرك الاسم الآخر في ما، ولكن تبتدئه) أي تستأنفه (إذا لم تجعله على كان وجعلته غير ذاهب الآن.


(١) (الاستئناف النحوي ودوره في التركيب)): د. مصطفى النحاس، مجلة مجمع اللُّغَة العَرَبِيَّة، القاهرة، المجلد ٨، ج ٦٥ ص ١١٤
(٢) السابق، ص ١١٤، وينظر: د. عبادة، معجم مصطلحات النحو، ص ٥٨
(٣) السابق، ص ١٢٩
(٤) الجنى الداني في حروف المعاني، ص ١٦٣
(٥) سيبويه: الكتاب، ١/ ٦٠

<<  <   >  >>