للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يكون من المفيد أَنْ نذكر أَنَّه تتردد عند سيبويه عدة مصطلحات ترادف مصطلح الحذف، منها ما أسماه بـ «الاختزال». يقول: «وإِنَّمَا اختُزِل الفعل هاهنا؛ لأنهم جهلوه بدلا من اللفظ بالفعل») (١)، وقال: « ... فلذلك اختَزَلَوا الفعلَ هنا، كما اختزلوه فى قولهم: الحَذَرَ») (٢).

وقد انفرد سيبويه بهذا المصطلح، فكان أول من صكه، قال الزَّبِيدِي: «الاختزال الحذف، قال ابن سِيدة: ولا أعرفه عن غير سيبويه») (٣). وأصبح فيما بعد من المصطلحات التي يرددها علماء اللُّغَة بمعنى الحذف، يقول الزركشي: «الاختزال وهو الافتعال ... ، نقل في الاصطلاح إلى حذف كلمة أو أكثر») (٤).

ومن المصطلحات التي ترددت عند سيبويه والقريبة أيضا من مصطلح الحذف مصطلح

«الاستخفاف»، ويعرِّفه سيبويه بأنَّه «إضمار ما يقع مظهرا») (٥). ويقرُّ سيبويه أَنَّ الذي يسمح بهذا الاستخفاف «علم المخاطب» و «كثرة التكرار») (٦)، يقول: «وإِنَّمَا أضمروا ما كان يقع مظهرا استخفافا؛ ولأَنَّ المخاطب يعلم ما يعني؛ فجرى بمنزلة المثل، كما تقول: لا عليك، وقد عرف المخاطب ما تعني، أَنَّهُ لا بأس عليك، ولا ضر عليك، ولَكِنَّه حذف لكثرة هذا في كلامهم») (٧).


(١) سيبويه: الكتاب، ١/ ٣١٢
(٢) سيبويه: الكتاب، ١/ ٣١٧، وينظر أيضا المواضع التالية على هذا اللفظ: الموضع ١/ ٣١٤، ١/ ٣٢٢
(٣) تاج العروس: ٢٨/ ٤٠٦
(٤) البرهان في علوم القرآن: ت: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتاب العربي، ط ١، القاهرة، ) ١٩٥٧ م (، ٣/ ١٣٤
(٥) سيبويه: الكتاب، ١/ ٢٢٤
(٦) الحق أن من يريد تحديد مصطلح ((الاستخفاف)) يقابل صعوبة في هذا، فنحن لا نجد لهذا المصطلح تعريفا مانعا جامعا. يقول د. أحمد عفيفي، في كتابه ((ظاهرة التخفيف في النحو العربي)) ما نصه: ((الحق أن عدوى عدم تعريفهما) يقصد مصطلحي الخفة والثقل (في المعاجم قد انتقلت إلى علم اللُّغَة بكل مستوياته، فلم نجد هذا التعريف الجامع المانع؛ وإِنَّمَا وجدنا توصيفا للظاهرة))، ص ٢٩، وينقل د. أحمد محاولة بعض الباحثين لتحديد التخفيف أو الخفة من خلال مقابلتها بمصطلح الثقل، فيقول: ((لا حد للثقل إذا اعتبرنا العنصر الخفيف على حدة، ولكن الخفة نسبية تُقاس بالثقل، والثقل نسبي يقاس بالخفة، ومتى عرفنا ما بينهما من النسبة ... صارت لهما حدود محددة ومقادير مقدرة))، ص ٢٩، والذي يستقر عليه د. أحمد عفيفي في كتابه: ((أن البعض يُرجع الخفة والثقل إلى مجرد الانطباع، وبعضهم يرجعهما إلى إحساس المُتَكَلِّم؛ ولهذا قال النُّحَاة: إِنَّ الخفة والثقل شيء نسبي))، ص ٣٠، ينظر: ظاهرة التخفيف في النحو العربي: الدار المصريَّة اللبنانية، ط ١، (١٩٩٦ م)
(٧) سيبويه: الكتاب، ١/ ٢٢٤

<<  <   >  >>