للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد سئل إمامنا أحمد عن إنكار عائشة الرؤية، فقيل: بماذا ترد قول عائشة من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم الفرية. فقال: أرده بقول النبي : "رأيت ربي". ومعنى قول أحمد: أنه لا قول لصحابي، مع قول النبي .

وجواب آخر: وهو أن قول ابن عباس مقدم على قول عائشة، لو لم يرد في ذلك النقل عن النبي ، لأن ابن عباس كان أعلم بذلك منها، ولأنه أثبت وهي نفت، ولأن قوله يُوافق ظاهر القرآن، على أن عائشة أثبتت رؤيته بقلبه، والخصم لا يُوافق على ذلك فقد ترك قول عائشة.

وجواب آخر: وهو أن القلب لا يرى إلا بعد رؤية العين، فما لا تدركه العين لا يدركه القلب، فنلزم عائشة بقولنا أنه رآه بقلبه أنه رآه بعينه.

وجواب آخر: وهو أن مبنى رؤية النبي لربه ورؤية اللّه تعالى مطلقًا على النقل الصحيح على القياس، فالمخالف جهل الآثار فتركها، فإن قيل: قال جماعة من أهل التفسير في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: ١٣] أي جبريل، قلنا: قول ابن عباس مقدم على قول غيره من المفسرين (١)، ولأن ذلك لا تعظيم فيه، لأن نبينا رأى جبريل في صورته العظيمة وهو في الأرض، ولأن الله قال في سياق ذلك: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ [النجم: ١٧] ولا وجه لمدحه بثبوت البصر لرؤية جبريل" (٢).

٣٥٤ - وقال سليمان هو الأعمش (٣): عن إبراهيم (٤)، عن علقمة (٥)، عن عبد اللّه، ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم:١٨]، قَالَ: "رَأَى رَفْرَفًا أَخْضرَ سَدَّ أفُقَ السَّمَاءِ". رواه البخاري (٦).


(١) ورد عن ابن عباس أيضًا تفسيرها بجبريل .
(٢) النور في فضائل الأيام والشهور لابن الجوزي (ل ٥٠ /أ وب) مخطوط.
(٣) سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، الأعمش، ثقة سبقت ترجمته في الحديث رقم (٧).
(٤) إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران الكوفي الفقيه، ثقة، إلا أنه يرسل كثيرًا، من الخامسة. ع. التقريب (رقم: ٢٧٠).
(٥) علقمة بن قيس بن عبد اللّه النخعي الكوفي، ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية. ع. التقريب (رقم: ٤٦٨١).
(٦) رواه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء .. ، (٤/ ١١٥) برقم (٣٢٣٣).