للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا النثر:

يا من سطعت شموس الافق من مطلع سنائه، وبزغت بدور الفطنة من شواكل بهائه، طالما حركني سائق الاشتياق، وهزني شمأل الأشواق، إلى الاستطلاع إلى حقيقة الحقائق، والاطلاع على رموز الدقائق. لعلمي أن تنائي الدار لا تلهي المحب عن المحبوب وتباعد الأجسام ليس له مدخل في اتفاق القلوب. فتارة اسند إلى نفسي العجز والتقصير، وطوراً استدل بتزاحم الآراء من الحذر والتحذير. إلى أن وصل هدهد سليمان الزمان، مصاحباً لمنشور الأمن والأمان. فطار من عش القلب طير الأرواح، وتلقى ما فيه من السرور والأفراح. فلم أزل أترنم بقول الشعراء، وانشده جماعة من البلغاء.

على كل عضو فيّ دارت لحاظه ... كئوس مدام قد ملئن من السحر (١)

ثملت بها وجداً ولم أصح صبوة ... فها أنا بين الصحو حيران والسكر

فلما أن حصل لي نوع من الإفاقة، قصدت الجواب بتسبب الطاقة، فرأيت قد زاحمتني بمدحك الشعراء، وتجردت لأوصافك البلغاء، فعدلت عن النظم (٢) والنثر، وترنمت بيتا من الشعر:

فالدر يزداد حسناً وهو منتظم ... وليس ينقص قدراً غير منتظم

فأنهيك، بارك الله فيك، إن المحب كما تعهده من العهد


(١) في الاصل: على كل عضو دارت في
(٢) في الاصول: من النظم

<<  <  ج: ص:  >  >>