للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسَنَةً (١) السِّرُّ بِالسِّرِّ، والْعَلاَنِيَةُ بالْعَلاَنِيَةِ. وأبو سلمة لم يدرك معاذاً.

ورواه البيهقي في كتاب الزهد من رواية إسماعيل بن رافع المدنيّ عن ثعلبة بن صالح عن سليمان بن موسى عن معاذ قالَ: أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فَمَشَى قَلِيلاً، ثُمَّ قالَ يَا مُعَاذُ: أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ (٢)، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ (٣)، وَوَفَاءِ الْعَهْدِ (٤)،

وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ (٥)، وَتَرْكِ الْخِيَانَةِ، وَرُحْمِ الْيَتِيمِ (٦)، وَحِفْظِ الْجِوَارِ (٧)، وَكَظْمِ الْغَيْظِ (٨)، وَلِينِ الْكَلاَمِ (٩)، وَبَذْلِ السَّلاَمِ (١٠)، وَلُزُومِ الإِمَامِ (١١)،


= يسوق الله تعالى هذه الدلائل ليتأمل العبد في بدائع قدرته وجمال حكمته فيذكره.
(١) بعدها عملاً صالحاً يمحو أثرها بعد التوبة.
(٢) خشيته والرهبة منه بإخلاص القلب، كما قال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر كل نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون (١٨)] من سورة الحشر.
قال النسفي: أي في أوامره فلا تخالفوها، وعبر عن الآخرة بالغد كأن الدنيا والآخرة نهاران. وكرر الأمر بالتقوى تأكيداً، أو اتقوا الله في أداء الواجبات؛ لأنه قرن بما هو عمل، واتقوا الله في ترك المعاصي، لأنه قرن بما يجري مجرى الوعيد: وهو أن الله خبير؛ وفيه تحريض على المراقبة، لأن من علم وقت فعله أن الله مطلع على ما يرتكب من الذنوب يمتنع عنه أهـ.
(٣) القول يطابق الواقع والأخبار توافق الحق.
(٤) تنفيذ ما اتفق عليه كما قال تعالى.
[وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم لله عليكم كفيلا] من سورة النحل.
قال البيضاوي: أي البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أهـ.
وأنا أقول: وأيضاً الوفاء بالعمل بكتاب الله تعالى وسنة رسوله والتحلي بمكارم الأخلاق.
(٥) المحافظة على الوديعة وتسليمها كاملة وحفظ الأسرار للأخيار والابتعاد عن السرقة والأذى وفعل الإضرار.
(٦) الرأفة بالذي مات والده وتقدم الخير والمساعدة له وإكرامه والعناية بشؤونه ومراعاة تثمير ماله وحفظه وعدم اغتياله أو إضراره، كما قال تعالى: [فأما اليتيم فلا تقهر (٩)] من سورة الضحى.
(٧) إكرام الجار ومراعاة حرمته وتقديم صنوف الخير له كما قال تعالى: [والجار ذي القربى والجار الجنب] أي الذي قرب جواره، وقيل الذي له مع الجوار قرب واتصال بنسب أو دين، والجنب البعيد الذي لا قرابة له وعنه عليه الصلاة والسلام "الجيران ثلاثة فجار له ثلاث حقوق حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام وجار له حقان حق الجوار وحق الإسلام، وجار له حق واحد، وهو المشرك من أهل الكتاب" أهـ بيضاوي.
(٨) الإمساك عن الغضب وحبس الانتقام والكف عن إمضاء العقاب كما قال تعالى: [والكاظمين الغيظ].
(٩) طيبه وعذوبة ألفاظه وبديع أسلوبه وحسن خطابه ورشيق عباراته كما قال الشاعر:
فيه السماحة والفصاحة والتقى ... والبأس أجمع والحجى والخير
(١٠) إفشاؤه كما قال صلى الله عليه وسلم حينما سئل "تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" قال القسطلاني من المسلمين فلا نخص به أحداً تكبراً أو تجبراً أهـ.
(١١) اتباع أوامر الحاكم واستماع نصائحه وطاعته وعدم بث الفتن ضده كما قال تعالى: [أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم] من سورة النساء.
وملازمة العلماء ومجالسة الأخيار الأبرار الأصفياء وحضور الجماعات في المسجد واختيار الأصحاب في الله لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>