للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَيِسَ مِنْهَا (١)، فَأَتَى شَجَرَةً، فاضْطَجَعَ (٢) فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ (٣) مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةٌ عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا (٤)، ثُمَّ قالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ: اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي، وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ (٥).

٣٥ - وَعَنِ الحرِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ في أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مُهْلِكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ (٦) فاسْتَيْقَظَ، وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ، فَطَلَبَهَا حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ، أَوْ مَا شَاءَ اللهُ تَعَالَى: قالَ: أَرْجِعُ إِلى مَكَانِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فاسْتَيْقَظَ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ عَلَيْهَا زَادُهُ وَشَرَابُهُ، فاللهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هذَا بِرَاحِلَتِهِ. رواه البخاري ومسلم.

[الدّوية] بفتح الدال المهملة، وتشديد الواو والياء جميعاً: هي الفلاة القفر والمفازة (٧).

من أحسن فيما بقي من عمره غفر له ما مضى

٣٦ - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَقِيَ (٨) غُفِرَ لَهُ مَا مَضَى، وَمَنْ أَسَاءَ فِيمَا بَقِيَ (٩) أُخِذَ (١٠) بِمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ. رواه الطبراني بإسناد حسن.

٣٧ - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه


(١) جرى وراءها فلم يمسكها.
(٢) استراح ونام.
(٣) زال أمله وقل رجاؤه في العثور عليها.
(٤) زمامها وقبض عليه.
(٥) هذا تمثيل لنهاية السرور الصادر من العبد الذي وجد ناقته ليقرب لك رضا الله تعالى بتوبة عبده والرجوع إليه والأخذ في طاعته والشروع في العمل الصالح له.
(٦) كذا فنام فاستيقظ د وع ص ٣١٣، ٢، ورواية مسلم وفي ن ط: فنام نومة فاستيقظ.
(٧) قال النووي من قولهم فوز الرجل إذا هلك، وقيل على سبيل التفاؤل بفوزه ونجاته منها كما يقال للديغ سليم أهـ ص ٦١ جـ ١٧.
(٨) في ن د زيادة من عمره: أي تاب إلى الله وأخلص في حياته الآتية المستقبلة سامحه الله وعفا عنه ما عمله في الأزمان السابقة تفضلاً.
(٩) أخطأ في مستقبله.
(١٠) حاسبه الله على الأعمال الماضية والمستقبلية ففيه الترغيب في التوبة رجاء ستر الله لما عمله سابقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>