للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتسمع وتبصر، ولا يبقى أحدُهما دون صاحبه، ولا يفترقان، وإذا خُلقت الروح عند الموت فالنفس بدنها وحجابها والله أعلم، واعلم رحمك الله أنّ هذا لا يتيسّر إلّا لمن تحمّله فهمُه.

٤٤٤ - قال أبو محمد بن قُتَيْبَة (١): والعربُ تسمي الدمَ نفسًا لاتّصال النفس به، على حدّ مذهبهم في تسمية الشيء بما اتّصل به أو بمُجاوِرِه، أو كان سببا له، يقولون: نفَست المرأة إذا حاضت، كأنها دميت، وقال أصحاب اللغة: وإنما سمّيت المرأة نفساء لسيلان الدم، وقال إبراهيم: كل شيء ليست له نفس سائلة فإنه لا ينجّس الماء إذا سقط فيه، يريد كل شيء ليس له دم سائل، ويسمّي العرب النفس نسمةً، وأصل النسمة النفس، وروى في بعض الحديث: "تنكّبوا الغبار فإنّه منه تكون النسمة" (٢)، يُراد منه يكون النفس والربو، وسمّي نَفَسًا لأنه عن النفس يكون، والعرب تقول: مات فلان حتْفَ نفسه وحَتْفَ أنفه، إذا مات على فراشه، لأنه لا يزال يتنفّس حتى يموت فتخرج نفسه نفَسًا من أنفه وفمه.

٤٤٥ - قال أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في المطالب العالية (٣): ثم إنّ العقلاء تحيّروا في معرفة النفس، وأنها هل هي عبارة عن هذا الهيكل المحسوس، أو عن جسم داخل فيه، أو عن عرض قائم به، أو عن جوهر مجرد. وقال: إنّ النفوس البشرية كلها مجبولة في الأصل على محبة الله، عاشقة لكبريائه، وحجابها عن ذلك استغراقُها في العلائق البدنية، والطيبات الجسدانية، فإذا زال عن نفسه هذا الحجاب أو قللها، ارتفع الحجاب


(١) تفسير غريب القرآن (ص ٢٣).
(٢) أورده الشيخ الألباني في الضعيفة (رقم: ٦) وقال: "لا أعلم له أصلا".
(٣) المطالب العالية في العلم الإلهي (٧/ ٣٥).