للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

١٦٨٢ - وفي حديث أبي هُرَيْرَة وحديث أبي سعيد: "أنّ الله قال للجنة: أنتِ رحمتي أرحمُ بكِ من شِئتُ، وقال للنار: أنتِ عذابي أعذِّبُ بكِ من شِئتُ.

قال الله: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١٠٧)[آل عِمرَان: ١٠٧]، وقال: ﴿فَأَمَّا (١) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ﴾ [الجَاثيَة: ٣٠].

١٦٨٣ - قال محمد بن نَصْر المَرْوَزي (٢): "والمطرُ رحمةٌ من الله، على معنى أنّ الله رَحِمَ به بعضَ خلقه، فسمّاه رحمةً لأنه حدثَ عن رحمة الله، والرحمةُ على معنيين: رحمةٌ هي خلقٌ لله كائنةٌ عن الرحمة التي هي صفةٌ للذّات، غيرُ مُحدَثة ولا مخلوقة، فيُقال للمطر: هذا رحمةٌ من الله؛ إذ كان عن الرحمةِ، كما يُقال: هذه قدرةُ الله أي: بقدرة الله كان، وهذا أمرُ الله أي: بأمر الله كان، وهذا علم الله أي: بعلم الله كان، فسمّى ما كان عن القدرة قدرةً وما كان عن العلم علمًا وما كان عن الأمر أمرًا، قال ذو القرنين للسَّدّ: ﴿هَذَا رَحْمَةٌ مِن رَبِّي﴾ [الكهف: ٩٨] وهو عذابُه على أهل السدّ ورحمتُه للمؤمنين، وليس هو في نفسه رحمةً، ولا هو في نفسه عذابٌ، لو كان في نفسه رحمةً لاسْتحالَ أن يكون في حال ما هو رحمةٌ عذابًا وإنما هو أنّ الله رحِم الناسَ به، فردَّ عنهم به يأجوجَ ومأجوج، وعذّب به يأجوج ومأجوج؛ إذ منعهم ما يريدون، وهكذا المطر ينزله الله فيقتلُ طائفةً من البهائم، ويتأذّى به طائفةٌ من الناس، فيُحيي به بلادَ قومٍ، ويُنبِتُ زروعَهم،


(١) كتب المصنف: (وأما)، وهو خطأ.
(٢) لم أجد هذا النقل النادر في كتابه السنة، فربما هو في أحد كتبه الأخرى المفقودة مثل: الإيمان.