للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخ حاضرة صحيحة، يقابل بها فيردّ الشيخ جمال الدين - رحمه الله - على ابن طغريل اللفظ، فيقول ابن طغريل: ما في النسخة إلا ما قرأت، فيقول من في يده بعض تلك النسخ الصحيحة: هو عندي، كما قال الشيخ، أو هو مظفّر عليه أو مضبّب أو في الحاشية تصحيح ذلك، ولما تكرر ذلك، قلت أنا له: ما النسخة الصحيحة إلا أنت.

وقرأت عليه من لفظي ديوان خطب ابن نُباتة والأربعين النووية، وسمعت عليه من الأجزاء كثيراً، وسمع هو شيئاً من شعري بدار الحديث، وقرأت عليه كتاب الشمائل للترمذي بعدما كتبته بخطي، ولم أر في أشياخي بعد شيخنا أثير الدين في العربية مثله خصوصاً في التصريف واللغة، إلا أنه مع إتقانه لأسماء الرجال وله فيها هذا المصنف العظيم، لم يكن يعتني بتراجم العالم من الخلفاء والملوك والأمراء والوزراء والقضاة والعلماء والقراء والأطباء والأدباء والشعراء، ولا له فيها مشاركة البتّة، وإنما كان يعتني برجال الحديث لا غير، ولقد سألته مرة عن القالي بالقاف، والفالي بالفاء، فقال: لا أعرف إلا الفالي بالفاء فعلمت أنه ليس له عناية بغير رواة الحديث، وإلا فأبو علي القالي بالقاف مشهور بين صغار الأدباء، ولكن عندي من الشيخ جمال الدين فوائد وقواعد في أسماء رجال الحديث، لم آخذها إلا عنه، ولا وجدتها في كتاب، وكان أسماء الرجال الذين يجيء ذكرهم في سماعاته وطرقه يجيد الكلام في طبقاتهم وأحوالهم وقوتهم وضعفهم ولينهم، وكان في ذلك بحراً لا يشق ثبجه وعجاجاً لا ينحط قتامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>