للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالزربية جامعاً وميضأه، وعمر في طرق الرمل البيارات، وأصلح الطرق، وعمر في دمشق جامع القبيبات وجامع القابون، ووقف عليهما الوقوف الجيدة.

وكان عاقلاً وقوراً داهية، جزل الرأي بعيد الغور، بحب العلماء والفضلاء، ويبرهم ويحسن إليهم أخبرني الشيخ شهاب الدين العسجدي، قال: كنت ليلة عيد مع الشيخ صدر الدين ونحن متوجهان إلى القرافة، فعرض لنا فقير، وقال للشيخ: يا سيدي، شيء لله، فقال لي: كم معك؟ قلت: لا عليك، توجه إلى القاضي كريم الدين، وقل له: الشيخ يسلم عليك، ويهنئك بالعيد، فتوجهت إليه، وقلت له ذلك، فقال: كأن الشيخ مفلس في هذا العيد، يا ططاج - مملوكه - ادفع إلى رسول الشيخ ألفي درهم، قال: فأخذتها، وجئت بها إليه، فقال الشيخ: صدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحسنة بعشرة.

قدم من ثغر من الإسكندرية مرة في نوبة الحريق الذي وقع بالقاهرة، فغوت به الغوغاء، ورجموه، فغضب السلطان، وقطع أيدي أربعة، ثم إنه مرض في ذلك العام قبل الواقعة، ولما عوفي زينت القاهرة، وتزاحم الخلق، واختنق واحد.

ولما انحرف عنه السلطان أمر للأمير سيف الدين أرغون النائب بالقبض عليه، فلما أراد بكرة النهار الدخول إلى السلطان على العادة طلبه إلى بيته وأمسكه، وأوقعت الحوطة على دوره وموجوده، وأمسك ولده علم الدين عبد الله، وكان يوماً عظيماً، وذلك يوم الخميس رابع عشر ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وسبع مئة، وبقي في بيته أياماً، ثم إنه رسم له بالنزول إلى تربته بالقرافة، فتوجه إليها، وأقام بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>