للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٨٢٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصِنِي؟ قَالَ: «أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ اللَّهَ كَمَا تَسْتَحِي رَجُلًا صَالِحًا مِنْ قَوْمِكَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَلَسْتَ تَرَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ رَجُلًا صَالِحًا يَنْظُرُ إِلَيْهِ أَوْ يَسْمَعُ كَلَامَهُ أَمْسَكَ عَنْ كُلِّ مَا يَخَافُ أَنْ يَمْقُتَهُ عَلَيْهِ، أَوْ يَضَعُ مِنْ قَدْرِهِ عِنْدَهُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى مَا فِي ضَمِيرِهِ لَمَا أَضْمَرَ إِلَّا عَلَى مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحَسِّنُهُ عِنْدَهُ وَيُجَمِّلُ، وَكَذَلِكَ يَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ فِي فَضْلٍ إِلَّا لِمَرَضٍ، فَأَجْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفْسِيرَ الْحَيَاءِ مِنَ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ فَمَنِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ فِيمَا يُظْهِرُ وَكُلُّ شَيْءٍ ظَاهِرٌ لَهُ كَمَا يَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ فَقَدِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ فَلَا يَدَعُ قَلْبَهُ يُضْمِرُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَكْرَهُ إِنْ عَرَضَ لَهُ رِيَاءٌ فِي عَمَلٍ ⦗٨٢٩⦘، أَوْ عُجْبٌ، أَوْ كِبْرٌ ذَكَرَ نَظَرَ اللَّهِ إِلَيْهِ فَاسْتَحْيَى مِنْهُ أَنْ يَرَى ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ فَتَرَكَهُ، وَاسْتَحْيَى أَيْضًا مِنْ كُلِّ نَقْصٍ يَدْخُلُ فِيهِ مِنْ فُضُولِ الدُّنْيَا، أَوْ مِنْ فُضُولِ الْكَلَامِ، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَهَّدَهُ فِي ذَلِكَ وَرَغَّبَهُ فِي تَرْكِهِ فَهُوَ يَسْتَحِي أَنْ يَرَاهُ رَاغِبًا فِيمَا زَهَّدَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ خَافَ غَيْرَهُ اسْتَحْيَى مِنْهُ أَنْ يَرَاهُ يَخَافُ غَيْرَهُ أَوْ يَرْجُوهُ أَوْ يَطْمَعُ فِيهِ، وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ مِنْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>