أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَرَ، غُلَامُ ثَعْلَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا السَّيَّارِيُّ، عَنِ النَّاشِيِّ قَالَ: «الِاسْتِكْثَارُ مِنَ الْإِخْوَانِ وَسِيلَةُ الْهِجْرَانِ» قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: يُرِيدُ أَنَّهُمْ إِذَا كَثُرُوا كَثُرَتْ حُقُوقُهُمْ فَلَمْ يَسَعْهُمْ بِرُّكَ فَإِذَا تَأَخَّرَتْ عَنْهُمْ حُقُوقُهُمُ اسْتَبْطَاءُوكَ فَهَجَرُوكَ وَعَادَوْكَ وَمَا أَحْسَنَ مَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الرُّومِيِّ عَنْ هَذَا حَيْنَ يَقُولُ:
[البحر الوافر]
عَدُوُّكَ مِنْ صَدِيقِكَ مُسْتَفَادٌ ... فَلَا تَسْتَكْثِرَنَّ مِنَ الصِّحَابِ
فَإِنَّ الدَّاءَ أَوَّلَ مَا تَرَاهُ ... يَكُونُ مِنَ الطَّعَامِ أَوِ الشَّرَابِ
. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: فَأَمَّا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: كَثْرَةُ أَصْدِقَاءِ الْمَرْءِ مِنْ سَخَافَةِ دِينِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ مَا لَمْ يُدَاهِنْهُمْ وَلَمْ يُحَابِّهِمْ لَمْ يَكْثُرُوا لِأَنَّ الْكَثْرَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي أَهْلِ الرِّيبَةِ وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صُلْبَ الدِّينِ لَمْ يَصْحَبْ إِلَّا الْأَبْرَارَ الْأَتْقِيَاءَ وَفِيهِمْ قَالَ أَنْشَدَنِي بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ:
[البحر الطويل]
لِكُلِّ امْرِئٍ شَكْلٌ مِنَ النَّاسِ مِثْلُهُ ... فَأَكْثَرُهُمْ شَكْلًا أَقَلُّهُمُ عَقْلَا
وَكُلُّ أُنَاسٍ آلِفُونَ لِشَكْلِهِمْ ... فَأَكْثَرُهُمْ عَقْلًا أَقَلُّهُمُ شَكْلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute