حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَهْتَمُّونَ بِذَلِكَ، أَوْ يُلْهَمُونَ بِهِ فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَأَرَاحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ ⦗٦٠٨⦘ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ، حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ ذَنْبَهُ الَّذِي أَصَابَهُ، فَيَسْتَحِي مِنْ رَبِّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَيَقُولُ: وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ سُؤَالَاتَهُ رَبَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، فَيَسْتَحِي رَبَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى، عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ، فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ قَتْلَهُ لِلنَّفَسِ بِغَيْرِ نَفْسٍ، فَيَسْتَحِي رَبَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَكَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكَنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَنْطَلِقُ، قَالَ الْحَسَنُ: فَأَمْشِي بَيْنَ ⦗٦٠٩⦘ سِمَاطَيْنِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، فَأُشَفَّعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الثَّانِيَةَ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أُشَفَّعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فِي الثَّالِثَةِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ ثُمَّ أُشَفَّعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ آتِيهِ الرَّابِعَةَ أَوْ أَعُودُ الرَّابِعَةَ، فَأَقُولُ: يَا رَبُّ مَا بَقِيَ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَعْنِي خَبَرَ شُعْبَةَ فِي أَوَّلِ ذِكْرِ الشَّفَاعَةِ: فَيُخْرِجُ لِي حَدًّا مِنَ النَّارِ دَالٌ عَلَى أَنَّ الشَّفَاعَةَ لَيْسَتِ الشَّفَاعَةَ الْأُولَى، الَّتِي فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلْيَخْلُصُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ الَّذِي ذُكِرَ فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ الْخَلْقِ، وَفِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سَأَلَ أَنْ يُعَجَّلَ حِسَابُهُمُ ابْتِدَاءً، وَهُوَ الْقَضَاءُ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مِمَّنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ، الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي خَبَرِ أَبِي ⦗٦١٠⦘ هُرَيْرَةَ، وَهُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنَ، وَأَعْلَمُ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُشَفَّعُ كَذَلِكَ، وَلَا يَزَالُ يُشَفَّعُ، كَمَا ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ، لَا يَزَالُ عِنْدَ الْعَرَبِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَثَالِثَةً بَعْدَ ثَانِيَةٍ، وَفِي خَبَرِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا زِلْتُ أُشَفَّعُ، خَرَّجْتُهُ بَعْدُ فِي بَابٍ آخَرَ وَقَوْلُهُ فِي خَبَرِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ: فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، فِي الِابْتِدَاءِ، قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَنْ ذَكَرَهُمْ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذينَ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِمَّنْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَنْ ذَكَرَهُمْ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ مِمَّنْ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَخَبَرُ سَعِيدٍ مُنَاقِضٌ لِأَوَّلِ الْحَدِيثِ، وَآخِرِهِ، كَخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَ أَرَادَ مَنْ ذَكَرَهُمْ فِي خَبَرِ شُعْبَةَ مِمَّنْ يُخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَخَبَرُ سَعِيدٍ أَيْضًا مُخْتَصَرٌ كَرِوَايَةِ شُعْبَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute