١٠٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يَحْيَى، نا عُثْمَانُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ: " خَرَجْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ وَأَنَا أُرِيدُ عَسْقَلَانَ، فَإِذَا أَنَا بِرَكْبٍ، فَقَالُوا لِي: أَيُّهَا الشَّيْخُ، أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ الرِّبَاطَ بِعَسْقَلَانَ، قَالُوا: مَا مَعَكَ وَحْشَةٌ؟ قُلْتُ:، لَا وَمَضَيْتُ مَعَهُمْ حَتَّى وَرَدْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ فِرَاقَهُمْ قَالُوا لِي: نُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَلُزُومِ ⦗٤٦⦘ دَرَجَةِ الْوَرَعِ، فَإِنْ تَبْلُغُ بِهِ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّ الزُّهْدَ يَبْلُغُ بِكَ حُبَّ اللَّهِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: فَمَا الْوَرَعُ؟ فَبَكَوْا، ثُمَّ قَالُوا: يَا هَذَا، الْوَرَعُ مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالُوا: تُحَاسِبُ نَفْسَكَ مَعَ كُلِّ طَرْفَةٍ، وَكُلَّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ حَذِرًا كَيِّسًا لَمْ يَخْرُجْ عَلَيْهِ الْفَضْلُ، فَإِذَا دَخَلَ فِي دَرَجَةِ الْوَرَعِ احْتَمَلَ الْمَشَقَّةَ، وَتَجَرَّعَ الْغَيْظَ وَالْمَرَارَ أَعْقَبَهُ اللَّهُ وَرَعًا وَصَبْرًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَمِلَاكُ هَذَا الْأَمْرِ الصَّبْرُ، وَأَمَّا الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ أَلَّا يُقِيمَ الرَّجُلُ عَلَى رَاحَةٍ تَسْتَرِيحُ إِلَيْهَا نَفْسُهُ، وَأَمَّا الْمُحِبُّ لِلَّهِ فَهُوَ فِي ضِيقَةٍ، لَا يَزْدَادُ لِلَّهِ إِلَّا حُبًّا، وَمِنْهُ إِلَّا تَوَدُّدًا "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute