للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دَمامتها (١)، وإما سِنُّها وكبرها، أو غير ذلك من أمورها، ﴿أو إعراضًا﴾ يعني: انصرافًا عنها بوجهه، أو ببعض منافعه التي كانت لها منه، ﴿فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحًا﴾ يقول: فلا حرج عليهما، يعني: على المرأة الخائفة نُشُوز بعلها أو إعراضَه عنها، ﴿أن يصلحا بينهما صلحًا﴾ وهو أن تترك له يومها، أو تضعَ عنه بعض الواجب لها من حقٍّ عليه، تستعطِفه بذلك وتستديم المُقام في حباله، والتمسك بالعقد الذي بينها وبينه من النكاح، يقول: ﴿والصلح خير﴾ يعني تعالى ذكره: والصلح بترك بعض الحقّ استدامةً للحُرْمة، وتمسكًا بعقد النكاح، خيرٌ من طَلَب الفرقة والطلاق» (٢)، ثم أيد ما ذكره بما رواه عن عمر، وعلي، وابن عباس، وعائشة، وآخرين (٣).

ثم بين تعالى أن الشح حاضر للنفوس فينبغي الحذر منه وتركه، حتى يتم الصلح بين الطرفين، قال الشوكاني:

«قوله: ﴿وَأُحْضِرَتِ الأنفس الشح﴾ إخبار منه سبحانه بأن الشحّ في كل واحد منهما، بل في كل الأنفس الإنسانية كائن، وأنه جعل كأنه حاضر لها لا يغيب عنها بحال من الأحوال، وأن ذلك بحكم الجبلة والطبيعة، فالرجل يشحّ بما يلزمه للمرأة من حسن العشرة، وحسن النفقة ونحوها، والمرأة تشحّ على الرجل بحقوقها اللازمة للزوج، فلا تترك له شيئاً منها، وشحّ الأنفس: بخلها بما يلزمها، أو يحسن فعله بوجه من الوجوه، ومنه: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المفلحون﴾ [الحشر: ٩]، وقوله: ﴿وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا﴾ أي: تحسنوا عشرة النساء، وتتقوا ما لا يجوز من النشوز والإعراض، ﴿فَإِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ فيجازيكم يا معشر الأزواج بما تستحقونه» (٤).


(١) الدمامة هي: القصر والقبح، انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ١٣٤).
(٢) تفسير الطبري (٧/ ٥٤٨ - ٥٤٩).
(٣) المرجع السابق.
(٤) فتح القدير (١/ ٦١٣)

<<  <   >  >>