للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ووقفت على كتاب "حسن الاقتصاص لما يتعلق بالاختصاص" للشيخ بدر الدين ابنالدماميني، فوجدته قال فيه: من خصائصه صلى الله عليه وآله وسلم: وجوب وقايته بالنفس.

قال ابن المُنيِّر: أوجب الله في حقه عليه الصلاة والسلام أن يُؤثَر على النفس، وأن يكون أحب إلى كل مؤمن من نفسه.

ولهذا قال سعد يوم أحُد: نحري دون نحرك، فهذا من خصائصه، لا خلاف أن هذا لا يجب لغيره، وهل يجوز أن يفعل لغيره؟ الظاهر أنه لا يجوز بالقياس على عدم جواز الإيثار بالماء في الطهارة، والشرب إذا أفضى إلى هلاك صاحب الماء.

قال: وانظر هل في منعه من نكاح الأمة وتعليلهم، لأن من تزوج أَمةً كان ولده منهارقيقاً، ومنصبه صلى الله عليه وآله وسلم يُنزَّه عن مثل ذلك فيه إشارة إلى منع الشريف الحسني والحسيني من تزويج الأمة، لأنه يفضي إلى أن يكون ولده منها رقيقاً، ويَجِل منصب سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم من أين يسترق أحد من ذريته؟

ولما تكلم ابن المُنَيِّر في "شرح البخاري" على الحديث المذكور في باب "من ملك من العرب رقيقاً" وفيه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "اعتقها فانها من ولد اسماعيل".

قال: تملك العرب لا بد عندي فيه من تفصيل، ومن تخصيص الشرفاء من ولد فاطمة. فلو فرضنا أن حسنياً أو حسينياً تزوج أمَة، لاستبعدنا الخلاف في أن ولده منها لا يسترق.

دليله قوله عليه السلام: "أعتقها فإنها من ولد اسماعيل" فإذا كان كونها من ولد اسماعيل يقتضي الاستحباب، فكونها بالمثابة التي ذكرناها توجب الحُرمة حتماً، والخلاف فيه صعب عسر.

قال: ومن خصائصه: أنه لم يكن يَمُر في طريق فيتبعه فيه أحَد إلا عرف أنه سلكه من طيبه، ذكره البخاري في "تاريخه الكبير" عن جابر.

قال اسحاق بن راهويه: كانت تلك رائحته بلا طيب، وقد عدَّ بعضهم ذلك في خصائصه، انتهى.

وفي "تذكرة" الشيخ بدر الدين بن الصاحب ما نصه: كانت همم الأنبياء متوجهة إلى طلب رجل يقص عليهم أخبار الأولين والآخرين، فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن تلك الهمم كلها، فقصَّ القَصَص، وملأ الوجود خيراً.

وقال ابن السبكي في "التوشيح": سمعت الوالد يقول وقد سئل عن العلقة السوداء التي أخرجت من قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صغره حين شُق فؤاده، وقول الملك: هذا حظ الشيطان منك:

إن تلك العلقة خلقها الله في قلوب البشر قابلة لما يلقيه الشيطان فيها، فأزيلت من قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يبق فيه مكان قابل لأن يلقي الشيطان فيه شيئاً، قال هذا معنى الحديث. ولم يكن للشيطان فيه حظ قط، وإنما الذي نقاه الملك أمر هو في الجبلات البشرية فأزيل القابل الذي لم يكن يلزم من حصوله حصول القذف في القلب.

قلت له: فَلِمَ خلق الله هذا القابل في هذه الذات الشريفة، وكان يمكن أن لا يخلقه الله فيها؟

فقال: إنه من جملة الأجزاء الإنسانية، فخَلْقه تكملة للخلق الإنساني لابد منه، ونَزعه كرامة ربانية طرأت بعده.

وقد رأى الأخُ الوالدَ بعد موته، وعليه أنوار، ووقع في نفسه أنه ببركة هذا البحث.

وقال السبكي في "الطبقات": لم يثبت عندي أن ولياً أحيى له ميتاً أزماناً كثيرة بعدما صار عظماً رميماً، ثم عاش بعده يحيى زماناً كثيراً، فهذا القدر لم يبلغنا، ولا أعتقد أنه وقع لأحد من الأولياء، ولا شك في مثل وقوعه للأنبياء عليهم السلام، فمثل هذا يكون معجزة ولا تنتهي إليه الكرامة.

صورة ما جاء بآخر النسخة

هذه النسخة المباركة بحمد الله تعالى وعونه من نسخة نقلت من نسخة نقلت عن نسخة سيدنا ومولانا الشيخ الإمام العالم العامل الجمالي يوسف الشريف تلميذ سيدنا ومولانا شيخ الإسلام الجلال السيوطي، مؤلف هذا الكتاب وهي نسخة معتمدة مكتوبة أعني نسخة السيد الشريف من نسخة المؤلف التي ألحقها الزيادة بعد أن انتشرت النسخ التي تعتبر زيادة. انتهى. والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

<<  <   >  >>