وقولهم في الجمع شياطين يدل على أن شيطانا فيعال لأنهم لا يكسرون فعلان على فعالين وقد حكى الفراء غرثان في جمع غرثان وذلك قول مستنكر فأما قولهم للنخل الطوال عيدان فهو من باب شيطان وقد حكوا عيدنت النخلة إذا صارت عيدانة فإذا حمل على هذا التصريف وجب أن يكون عيدنت على فيعلت لأن فعلنت مستنكرة واشتقاقها على هذا من العُدون من قولهم عدن بالمكان إذا قام به وقولهم للواحدة عيدانة يدل على أنها فيعالة لأن الغالب على فعلان ألا تدخل الهاء في واحدته ولو لم يقولوا عيدنت لجاز أن يكون العيدان من العود ويكون جاريا مجرى الريحان فيقال أصله عيدان مثل التيحان والهيبان ثم خفف كما قالوا ميت وميْت وهّين وهيْن فأن قلنا إن المحذوف الواو التي انقلبت إلى الياء كما انقلبت في ميت فوزن عيدان على هذا فيلان لأن العين ذهبت وان الياء الزائدة هي الساقط ثم أقرت الياء الثانية على حالها في القلب وسكنت لثقل الحركة فوزنه فعلان وحكم ريحان حكم عيدان لأنه من الروح إلا إن العيدان ينتزعه أصلان والريحان ليس له إلا اصل واحد وقولهم للأتان الوحشية بيدانة إن كانت من البيد ولزومها الأرض القفر فهي فعلانةٌ وان كانت من البدن وغلظه ومن البُدْ فهي فيعالة والأحسن فيها أن تكون من البيد ونونها زائدة لم يقولوا للذكر لبيدان وذلك نظير قولهم للتاقة عيرانة ولم يقولوا للذكر عيران ولم يقولواللذكر عيران وأصحاب الاشتقاق يزعمون أنها سميت عيرانة تشبيها بعير الفلاة في شدته وصلابته ولو قال قائل إنها فيعالة من قولهم عرنت الناقة إذا جعلت في أنفها العران وهو عود يُدخل في انفها لكان ذلك مذهبا سائغاً وكان يزيده قوة دخول لهاء في آخرها فأما فَعلان وفُعلان وفِعلان فيحكم على النون فيها بالزيادة من غير اشتقاق لأن فعلا لا ليس في كلاهم وكذلك فَعِلال وفَعُلال فعلى هذا يجري بابه فإذا سئلت عن وزن ورشان ونحوه فقل فعلان من غير ائتمار.
وإذا كانت النون أخيرا في مثل فعال وفعول وفعيل حكمت عليها بالأصل لان الاشتقاق يضطر إلى ذلك وكذلك جميع هذه الأبنية التي يتكون فيها حرف لين وحرفان أصليان مع النون مثل قولك عُمان وعران وفُتون وجُمعان وأَمون وأمين.
فإذا كان قبل الألف التي النون أربعة أحرف من الأصول حكمت عليها بالزيادة مثل قولك الزعفران والشبرمان لضرب من النبت والعُقربان لذكر العقارب وكذلك إن كان في الأربعة التي قبل الألف حرف من حروف الزيادة فإن الغالب على النون أن تُحسب زيادة كقولك الضميران لضرب من النبت والكيذبان للكذاب.