للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أياة الشمس راجع إلى اشتقاق الآية لأن نور الشمس علامة لها ولا يحكم على أن إياة الشمس مأخوذ من همزة وواو وياء لأنها لو كانت كذلك وجب أن تصح الواو لعلة الياء إذا كانوا لا يجمعون بين علة العين واللام ولذلك قالوا قوي وروي فأصحوا الواو ولم يصحوها في خاف وبابه لأنهم وجدوا الياء معتلة في المضارع إذ قالوا يقوى ويروى فلو عللوا الواو لخرجوا عن القياس ولا تجعل اياة الشمس مأخوذاً من همزة وياء وواو لأنه مفقود في كلامهم الياء بهدها الواو فأما حيوة وحيوان فمن الشاذ ولا تحمل الأشياء على ماشذ، ولكن تُحمل على ما كثر ولا يمتنع في هذا الباب إن تكون إيا فعلى بالضم على ما تقدم ويقوي ذلك زعم سيبويه إن ضيزى فعلى بضم الفاء وانهم فروا إلى الكسرة لتصح الياء وكذلك قال بعضهم الضوقي في معنى الضوقي وقرأ مكوزة الأعرابي طيبى لهم وحسن مآب فإذا جعلت ألف إيا للالحاق لم يمتنع أن يدعى فيها الضم فتكون مثل بهمي لأن إذا صح قول العرب بهماة جعلت من الملحقات، ولم يثبت ذلك، وقال بعضهم البهمي واحد وجمع فالألف عنده للتأنيث لأن فعلى بناء غلب على المؤنث وليس بجار مجرى ارطاة وعلقاة لأن الإلحاق كثر في فعلى وحكى المازني انه سمع أبا عبيدة يقول ما اكذب النحويين يزعمون أن التأنيث لا يدخل على التأنيث وأنا سمعت رؤبة بن العجاج يقول علقاة يعني الواحدة من العلقى وهو ضرب من الشجر مر ينبت في الرمل، قال الشاعر يخاطب جمله:

فمت كمداً أو كل على غير شهوة ... أفانين علقى مرة بأميل

الأميل رمل يتعقد ويستطيل فيكون أميالا وربما كان مسيرة يومين أو ثلاثة وليس ما ذهب أبو عبيدة إليه مبطلا مذهب النحويين لان من قال علقاة بالهاء جعل الألف لغير التأنيث فلا يلزمهم ما قال.

وإذا جعلت إيا على وزن اصبع وجب فيها من الاشتقاق ما وجب فيما قبلها إلا إن أحكامها مختلفة والقول الذي ذهب فيها أقوى لأنا إذا جعلناها على إفعل وجعلناها من أوى احتجنا إلى الجمع بين همزتين فتبدل، الثانية ياء وإذا أبدلت المهزة كان القياس ألا تدغم لأنهم قالوا في الأمر من أوى يأوي أبو فلم يدغموا وكذلك قال أكثر العرب روية لما خففوا رؤية فلم يدغموا وقد قال بعضهم رُيَّةٌ في رؤية ورؤية أيضاً فكسروا لأجل الياء فيكون اصل ايا إذا كانت على إفعل من أوى إئوى فجعلت الهمزة الثانية ياء بإجماع من العرب وأهل القياس ثم بقيت الياء المبدلة واواً لازمة وهما في كلمة واحدة فقلبت وان كان أصلها غير ذلك كما قلبوا في مصدر احواويت، فقالوا احوياء والأصل احويواء وكان يجب ألا تدغم هذه الياء كما لم تدغم الواو في سوير وبويع ولكن لما بنيت في المصدر وهو جار مجرى الأسماء كان القلب فيها أولى وقصد ذكر السيرا في أن قوما من النحويين لا يدغمون في مصدر احواويت لأجل العلة الماضية والقول الأول أكثر، ولو قال قائل في أفعل من أويت ايوي فلم يدغم لكان قد ذهب مذهبا، إلا أن النحويين ذكروا أنك إذا بنيت من أوى مثل إوزة قلت إياة فدل ذلك على انهم يرون إدغام الياء التي كانت همزة واوزة عندهم إفعلة واستدلوا على أن الهمزة زائدة بقولهم وز وإذا قيل إن إيا على مثال اصبع وأنها مأخوذة من همزة وياءين اجتمعت فيها الهمزتان أولا فجعلت الهمزة الثانية ياء وكان الإدغام واجباً لأن المثلين التقيا.

ولمدع إن يدعي إن ايا جائز إن يكون من الوأى من قولك فرس وأى وقد اختلفوا في معناه فقيل المجتمع الخلق المقتدرة وقيل هو الطويل وقال أصحاب الاشتقاق الوأى الذي إذا نظرت إليه ذلك على أنه قوي وشديد الجري كأنه مأخوذ من وأيت أي وعدت أي هو يعد الجري فيكون أصله ايأي وخففت الهمزة الثانية تخفيفاً لازماً كما خفقت في ذرية ونبي لان من كلامهم إن يتركوا الشيء الذي هو أصل في الكلمة فلا يستعملوه كما رفضوا همزة الخابية وهي من خبأت وكما قالوا يرى فلم يستعملوا همزة إلا عند ضرورة كما قال الشاعر:

لما استبد بهم شيحان مبتجج ... بالبين عنك بهم يرآك شأنا

الشيحان المجد في الأمور شآن فعال من الشأن من قولك شأن شأنة إذا فعل فعلة وإنما يذكر مثل هذا لأنه يجوز إن يقال والذي مضى في أول الاشتقاق هو القياس.

<<  <   >  >>