للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولكن الصوفية يروون عن مشائخهم أنهم لم يكونوا ينامون الليل ويقطعونه في الذكر والتلاوة كما ذكر أبن عجيبة الحسني:

" وقد كان منهم من يقطع الليل كله في ركعة , ويختم القرآن في كل ليلة " (١).

ويحكي عبد السلام الفيتوري عن نفسه أنه يسبح سبعين ألفا وباسم الجلالة خمسمائة ألف في كل يوم وليلة , ويختم القرآن قبل أن يستقر الضيا " (٢).

وقطع النظر عن عدم وقوع هذا عقلا كره الرسول صلى الله عليه وسلم ختم القرآن في أقل من ثلاث حيث قال:

(لم يفقه من قرأ في أقل من ثلاث) (٣).

ولكن القوم جعلوا الغلو والمغالاة من أصول الولاية والكرامة مسفهين العقل ومخالفين النقل , فينقل المنوفي الحسيني عن عبد الفتاح الشبلنجي الشاذلي أنه كان يصلي مائة وثمانين ركعة تهجدا كل ليلة , ويقرأ نصف القرآن كل نهار مع سبعين ألفا على المسبحة من أوراد وأذكار شتى (٤).

ونقل عن بعضهم أنه أدعى:

" أنا منذ ثلاثين سنة أصوم وأقوم الليل " (٥).

ونقل الجامي عن الجنيد أنه قال:

" ما رأيت أعبد من السري أتت عليه سبعون سنة ما رؤى مضطجعا إلا في علة الموت " (٦).

ونقل القوم عن عطاء السلمي أنه كان إذا جنّه الليل يخرج إلى المقابر فلا يزال


(١) إيقاظ الهمم لأبن عجيبة ص ٤٦٠.
(٢) الوصية الكبرى للفيتوري ص ٦٦.
(٣) رواه الترمذي وأبو داود والدارمي وصححه الألباني.
(٤) أنظر جمهرة الأولياء للمنوفي الحسيني ج٢ ص ٢٧٤ ط مؤسسة الحلبي القاهرة.
(٥) إيقاظ الهمم لأبن عجيبة الحسني ص ٣٦.
(٦) نفحات الأنس لأبن عجيبة الحسني ص ٣٦.

<<  <   >  >>