للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بادية ولا حاضرة ولا وجبت عليه زكاة الفطر قط (١).

وقال ابن عجيبة الحسني:

" التصوف مبني على ثلاث خصال: التمسك بالفقر والافتقار , والتحقق بالبذل والإيثار , وترك التدبير والاختيار .... والصوفي الصادق علامته أن يفتقر بعد الغنى , ويذل بعد العز , ويخفى بعد شهرة " (٢).

ونقل الجامي عن إبراهيم الهروي أنه قال:

" من أراد أن يبلغ كل الشرف فليختر سبعا على سبع: الفقر على الغنى , والجوع على الشبع , والدون على المرتفع , والذل على العز , والتواضع على الكبر , والحزن على الفرح , والموت على الحياة " (٣).

ومثله في غيث المواهب (٤).

وكتب فريد الدين عطار حكاية عن إبراهيم بن أدهم أنه قال لأحد أثناء طوافه حول الكعبة لا تصلح أن تعد الصالحين ما لم تغلق على نفسك باب العز والغنى , وتفتح باب الذل والفقر (٥).

فهكذا أعرض الصوفية عن التكسب والأشغال بطلب الرزق بظن منهم أن هذه هي تعاليم الإسلام - وحاشاه من ذلك - وهكذا حثوا الناس على التمسك بالفقر والذل , واختيار الخمول والكسل.

هذا , ومن تطرفات المتصوفة التعري وتعذيب النفس والجسم , ولقد ذكرنا منها روايات وحكايات عديدة في كتابنا " التصوف: المنشأ والمصادر " (٦).

ونورد ههنا في بيان تقشفهم وتعنتهم وغلوهم في ترك الطيبات التي أحلها الله لعباده ,


(١) الوصية الكبرى لعبد السلام الأسمر الفيتوري ص ٧٤ ط مكتبة النجاح طرابلس ١٩٧٦م.
(٢) إيقاظ الهمم في شرح الحكم لأبن عجيبة الحسني ص ٤ ط البابي الحلبي القاهرة ١٩٨٢م.
(٣) نفحات الأنس للجامي ص ٤٥.
(٤) أنظر غيث المواهب العلية للنفزي الرندي ص ٢٠٠.
(٥) تذكرة الأولياء لفريد الدين عطار أوردو ص ٦١ ط باكستان.
(٦) أنظر الباب الثاني.

<<  <   >  >>