للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَتَّى نَبْغَتَهُمْ في بِلادِهِمْ"، ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسفره، واستخلف على المدينة كلثومَ بنَ الحصين الغفاريَّ، فخرج لعشرٍ مضين من شهر رمضان، ومعه المهاجرون والأنصار، وطوائفُ من العرب، فكان جيشُه عشرة آلاف، فصام، وصام الناس معه، حتى إذا كان بالكديد، أفطر.

فخرج أبو سفيان بنُ حرب، وحكيمُ بن حزام، وبديلُ بنُ ورقاء يتجسسون الأخبار، وكان العباس بن عبد المطلب قد خرج قبل ذلك بعياله مسلمًا مهاجرًا، فلقي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بالجُحْفَة، وقيل: بذي الحليفة، ثم حضر أبو سفيان بن حرب على يد العباس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن استأمن له، فأسلم، وأسلم معه حكيمُ بن حزام، وبديلُ بن ورقاء، وقال العباس: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! إن أبا سفيان يحب الفخر، فاجعلْ له شيئًا يكون في قومه، فقال: "مَنْ دخلَ دارَ أبي سُفيانَ فهو آمِنٌ، ومن دخلَ المسجدَ فهو آمنٌ، ومن دخلَ دارَ حكيمِ بنِ حزامٍ فهو آمِنٌ، ومن أغلقَ عليه بابَهُ فهو آمِنٌ" (١).

وكان فيمن خرج ولقي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ببعض الطريق: أبو سفيان بنُ الحارث، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بالأبواء، فأعرضَ عنهما، فجاء إليه أبو سفيان بنُ الحارث بنِ عبد المطلب، فقبل وجهه، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: ٩٢]، وقبل منهما إسلامهما، فأنشده أبو سفيان


(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٥/ ١٠٧)، عن عروة بن الزبير.