للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

بالقلب، والعداوة بالفعل، وهي أغلظ، فلا يفسر الأغلظ بالأخف.

ثانيها: قال شيخنا أيضًا: تمني زوال نعمته ليس تفسيرًا لعداوة، وإنما هو الحسد، وهو حرام، وقد ينتهي الحال فيه إلى الفسق، والكلام في عداوة لا يفسق بها.

قلت: ولذلك لم يذكر " الحاوي " البغض ولا تمني زوال النعمة، بل اقتصر على الفرح بحزنه والحزن بفرحه (١).

ثالثها: ذكر شيخنا المذكور أيضًا: أن تعريف العداوة بالحزن بسروره، والفرح بمعصيته، ذكره القاضي حسين والإمام والغزالي (٢)، وهو مخالف لمقتضى نصوص الشافعي وكلام أصحابه. انتهى.

واعلم: أنه يرد على إطلاق " التنبيه " و" الحاوي ": أن العداوة التي ترد بها الشهادة هي الدنيوية لا الدينية، وقد أشار بذلك " المنهاج " بقوله [ص ٥٦٩]: (وتقبل له، وكذا عليه في عداوة دين ككافر ومبتدع).

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": ومقتضى كلامه: عدم قبول شهادة المبتدع على السني؛ كشهادة الكافر على المسلم، وليس كذلك، بل تقبل على السني إذا لم يكفر ببدعته، ولم يستحل الشهادة لموافقه بما لا يعلمه، ولا أن ينال من بدن مخالفه أو ماله شيئًا يجعل الشهادة بالباطل ذريعة إليه، وقد نص على ذلك الشافعي رضي الله عنه (٣).

٦١٥١ - قول " المنهاج " [ص ٥٦٩]: (وتقبل شهاده مبتاع لا نُكَفِّره) نص الشافعي رحمه الله على قبولهم إلا الخطابية (٤)، أي: إذا شهد الواحد منهم لمثله كما صرح به الرافعي في قتال البغاة (٥)، وهم قوم يجوزون الشهادة لصاحبهم إذا سمعوه يقول: لي على فلان كذا .. فالجمهور أجروا النص على ظاهره، وقبلوا الجميع، حتى من يسب الصحابة، ومنهم من رد شهادة الجميع وتأول هؤلاء النص على المخالفين في الفروع، وجعلوهم أولى بالرد من الفسقة، ومنهم من فرق، فرد أبو إسحاق شهادة من أنكر إمامة أبي بكر دون من فضل عليًا عليه، ورد الجويني شهادة من يسب الصحابة ويقذف عائشة، وعليه جرى الإمام والغزالي والبغوي (٦)، واستحسنه الرافعي (٧)، وفي " الرقم ": رد شهادة الخوارج، وصوب النووي قول الفرقة الأولى، وهو قبول


(١) الحاوي (ص ٦٦٩).
(٢) انظر " نهاية المطلب " (١٩/ ١٢، ١٣)، و" الوجيز " (٢/ ٢٤٩).
(٣) انظر " الأم " (٤/ ٢١٧).
(٤) انظر " مختصر المزني " (ص ٢٥٨).
(٥) انظر " فتح العزيز " (١١/ ٨٢).
(٦) انظر " نهاية المطلب " (١٩/ ١٨)، و" الوجيز " (٢/ ٢٤٩)، و" التهذيب " (٨/ ٢٦٩).
(٧) انظر " الروضة " (١١/ ٢٤٠)، و" الأم " (٦/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>