أولًا: السبب العام: وهو الذي يقف وراء الكثير من هذه العلل إلا أنه الضعف البشري الذي لا يسلم منه مخلوق، ولا عصمة إلا لكتاب الله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -. وما وراء ذلك ناس يصيبون ويخطئون ويتذكرون وينسون وينشطون ويغفلون على ما بينهم من تفاوت في ذلك بين مكثر ومقل. السبب الثاني: هو ما اتصف به بعض رواة الآثار من خفة الضبط وكثرة الوهم مع بقاء عدالتهم. وهؤلاء هم الذين ذكرهم الترمذي في علله (آخر الجامع، ص ٥٤٤) بقوله: أهل صدق وحفظ ولكن يقع الوهن في حديثهم كثيرًا. اهـ. ولكن ليس هو الغالب، وليعلم أن حديث هؤلاء مقبول عند جماهير علماء الحديث بعد التمييز بين الخطأ والصواب وكان نصيب كتب العلل من هذه الأوهام كبيرًا، ولذا نجد كثيرًا في هذه الكتب بعد ذكر الحديث: أخطأ فيه شريك، وهم فيه عطاء الخراساني. وهكذا. السبب الثالث: الاختلاط أو الآفة العقلية التي تورث فسادًا في الإِدراك، وتصيب الإِنسان في آخر عمره، أو تعرض له بسبب حادث ما كفقد عزيز أو ضياع مال، ولهذا الاختلاط أثر كبير على رواية المختلط لا سيما وأنه الثقة المحتج به. وليست لبدء هذا الاختلاط ساعات محدودة إذ الاختلاط حالة عقلية تبدأ خفية ثم يتعاظم أمرها بالتدريج، وبين الخفاء والظهور يكون المختلط قد روى أحاديث تناقلها الثقات عن الثقات وما دروا أنهم أخذوها عن الثقة لكن في اختلاطه، ولكن رجال هذا العلم بما لديهم من وسائل الدراية يقفون بالمرصاد لتمييز الصحيح من السقيم. السبب الرابع: خفة الضبط بالأسباب العارضة. ونقصد بالأسباب العارضة أمورًا تعرض للمحدث وتؤثر في ضبطه، دون أن تؤثر في إدراكه، وبهذا نميز هذه الأمور العارضة عن الاختلاط ولا أرى ضمها إليه كما فعل البعض، وهذه العوارض تعتري المحدث الذي يعتمد على كتابه في الرواية، فإذا ضاع الكتاب أو احترق أو أضر الراوي، أو لم يصطحب كتابه معه =