للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أم اتخذ عند الله عهداً؟!

وهم بهذه الدعوى أكثر غلواً من يهود، الذين قالوا: {لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً} ، ورد الله عليهم بقوله سبحانه: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ، بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (١) .

وهي تكشف كذب هذه الدعاوى كلها.. وأن الغرض من دعوى التحريف تحقيق شذوذ لا سند له من كتاب أو سنة صحيحة. ثم هي تكشف أن واضع هذه الرواية زنديق جاهل بمعاني كتاب الله، فالآية في المجرمين وهو ظنّ أنها في الصالحين فأولها في شيعته.. وحاول أن يؤكد ذلك بزيادة قوله: "منكم" وعلل ذلك بأنة لو لم يضع هذه الزيادة لسقط العقاب عن الخلق، وهو لا يسقط إلا عن شيعته - كما يفتري - مع أن الآية هي كقوله سبحانه: {وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} (٢) .

فهي في أهل الجرائم والذنوب.

ولهذا قال ابن عباس في تفسيرها: لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا؟؛ لأنه أعلم بذلك منهم. وقال مجاهد: لا يسأل الملائكة عن المجرم، يعرفون بسيماهم (٣) .

ونختم القول بما قاله الجاحظ في دحض شبهتهم حول جمع أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه. قال الجاحظ:

"والذي يخطئ عثمان في ذلك فقد خطأ علياً وعبد الرحمن وسعداً، والزبير وطلحة وعلية الصحابة.

ولو لم يكن ذلك رأي علي لغيّره، ولو لم يمكنه التغيير لقال فيه، ولو لم


(١) البقرة، ٨٠، ٨١
(٢) القصص، ٧٨
(٣) تفسير الطبري: ٢٧/١٤٢ - ١٤٣، تفسير ابن كثير ٤/٢٩٤

<<  <  ج: ص:  >  >>