للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأما الثالث الذي بلغ به (١) كفرَ الرِّدة نفسِها؛ فهو شرٌّ من الذي قبله، لأنه مذهب الخوارج الذين مَرَقوا من الدين بالتأويل، فأكفروا (٢) الناسَ بصغار الذنوب وكبارها (٣)، وقد علمت ما وصفهم [به] (٤) رسول الله من المروق، وما أذن فيهم من سفك دمائهم (٥).

ثم قد وجدنا الله يكذب مقالتهم؛ وذلك أنه حكم في السارق بقطع اليد وفي الزاني والقاذف بالجلد، ولو كان الذنب يكفر صاحبه ما كان الحكم على هؤلاء إلا القتل، لأن رسول الله قال: "من بدَّل دينه فاقتلوه" (٦)، أفلا ترى أنهم لو كانوا كفَّارًا لما كانت عقوباتهم القطعَ والجلدَ؟

وكذلك قول الله فيمن قُتل مظلومًا: ﴿فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ [الإسراء: ٣٣]، فلو كان القتل كفرًا، ما كان للولي عفوٌ (٧) ولا أخذُ دِيَة، ولزِمَه القتل.

وأما القول الرابع: الذي فيه تضعيف هذه الآثار، فليس مذهبَ من يُعتدُّ بقوله، ولا (٨) يُلتفت إليه، إنما هو احتجاج أهل الأهواء والبدع؛ الذين قَصُر


(١) "به" ساقطة من المطبوع.
(٢) في المطبوع: "فكفروا".
(٣) انظر: الفتاوى (١٢/ ٤٧٠).
(٤) زيادة يقتضيها السياق.
(٥) كما في حديث علي عند البخاري (٩/ ١٦) (٦٩٣٠)، ومسلم (٢/ ٧٤٦) (١٠٦٦).
(٦) أخرجه البخاري (٤/ ٦١) (٣٠١٧) من حديث ابن عباس .
(٧) في الأصل: "عفوًا".
(٨) في المطبوع: "فلا".

<<  <   >  >>