للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فشبّه النبي المطر الذي ينزل على الأرض في حال حاجتهم إليه، بحال الناس، فكما أن الغيث يحيي البلد الميت، فكذا علوم الدين تحيي القلب الميت، ثم شبه السامعين له بما جاء به من الهدى، بالأرض المختلفة التي ينزل بها الغيث، فمنها:

١ طائفة حفظت الماء وأنبتت الكلأ وهو العشب، فارتوى الناس من مخزونات مياهها ورعوا من كلئها وذلك مثل: العلماء العاملين الحفاظ الفقهاء.

٢ طائفة أمسكت الماء ولم تنبت كلأها؛ لأنها أجادب فارتوى الناس من مخزون مياهها؛ لأن لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أفهام ثاقبة، فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم فيأخذه منهم فينتفع به، فهؤلاء نفعوا بما بلغهم وهم الحفاظ غير الفقهاء.

وفي كلا الطائفتين خير.

٣ طائفة لم تمسك ماء ولم تنبت كلأ، وهذا مثل من لم يقبل هدى الله الذي جاء به الرسول ولم يرفع بذلك رأسًا (١).

فالقسم الأخير المقابل للحفاظ الفقهاء، هم من لم ينتفعوا بالهدى والعلم، وهذا القسم يتفرع منه طوائف من أهل الضلال:

منهم من قبِل الآثار النبوية الحديثية المروية المتواترة دون الآحاد كالمعتزلة.

ومنهم من قبِل ما يوافق عقولهم، وما يخالفه ردوه ولم يقبلوه كأهل الكلام والعقلانيين وهم من أفراخ المعتزلة.

ومنهم من رد الآثار النبوية الحديثية المروية بأكملها، واكتفوا بالقرآن


(١) يُنظر: شرح النووي على مسلم (١٥/ ٤٦)، فتح الباري، لابن حجر (١/ ١٧٦ - ١٧٧).

<<  <   >  >>