للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال : من كان منكم متأسيًا فليتأس بأصحاب محمد ؛ فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأقومها هديًا، وأحسنها حالاً، قومًا اختارهم الله لصحبة نبيه فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم (١).

وقال أيضًا : إنكم اليوم على الفطرة، وإنكم ستحدثون ويحدث لكم فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدي الأول (٢)، وقال : عليكم بالسمت الأول (٣).

وبعد استعراض بعض من الشبهات التي يلوح فسادها للبصير بأدنى نظر، لا يسع المسلم الباحث عن الحق إلا أن يتبع ويسلّم للمنهج القويم الذي كان عليه السلف الصالح، المتبع للنبي ، وذلك برهان محبته ، فمن يزعم محبته، ويخالف هديه، يصدق عليه قول القائل:

لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقًا لأَطَعْتَهُ

إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ (٤)

ومن محبتة إحياء سُنَّته، ومجانبة ما خالفها، لكن لمّا كَثُر المدَّعونَ للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى، فلو يعطى الناس بدعواهم لَادَّعى الخَلِيُّ حُرْقةَ الشَّجيّ، فتنوع المدَّعونَ في الشهود فقيل لا تقبل هذه الدَّعْوى إلا ببيّنة: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران: ٣١]، فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الحبيب في أفعاله وأقواله وأخلاقه (٥).


(١) جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر (٢/ ٩٤٧).
(٢) أخرجه الدارمي في مسنده (١/ ٢٧٠/ ح ١٧٤)، وابن أبي شيبة في مصنفه (١٩/ ٦٠٢/ ح ٣٧١٧٧)، ومحمد بن نصر المروزي في كتاب السُّنَّة (٢٩/ أثر ٨٠).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في الزهد (١٣٤/ أثر ٨٩٧).
(٤) تُنسب هذه الأبيات للإمام الشافعي ولغيره، فهي في ديوان محمود الوراق، وديوان ذي الرمة، يُنظر: ديوان الإمام الشافعي (٧٨).
(٥) مدارج السالكين، لابن القيم (٣/ ٨) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>