للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأي تعديل للصحابة أعظم وأجلّ من تعديل وثناء علاّم الغيوب سبحانه، وتعديل رسول الله (١).

وعلى هذا يتبين أن الشبهة مناقضة لما دلّ عليه الدليل من الكتاب والسُّنَّة الصحيحة.

٢ إن هذه الشبهة مخالفة لإجماع سلف الأمة، وجماهير خلفها على عدالة جميع الصحابة بما فيهم من لابس الفتنة (٢)، وأن انتقاصهم آية من آيات الزندقة.

كما قال الإمام أبو زرعة الرازي (ت: ٢٦٤ هـ): إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله ، فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى ذلك كله إلينا الصحابة ، وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسُّنَّة، فالجرح بهم أولى، وهم زنادقة (٣).

وكما نقل الإمام أبو القاسم هبة الله اللالكائي (ت: ٤١٨ هـ) عن أحد السلف أنه قال: علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر (٤).

قال الحافظ ابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ) في من طعن في الصحابة وتنقصهم بأن فعله: من الهذيان بلا دليل، إلا مجرد الرأي الفاسد، عن ذهن بارد، وهوى متبع، وهو أقل من أن يرد، والبرهان على خلافه أظهر وأشهر، مما علم من امتثالهم أوامره بعده ، وفتحهم الأقاليم والآفاق، وتبليغهم عنه الكتاب والسُّنَّة، وهدايتهم الناس إلى طريق الجنة، ومواظبتهم على الصلوات، والزكوات وأنوع القربات، في سائر الأحيان والأوقات، مع الشجاعة والبراعة، والكرم والإيثار، والأخلاق الجميلة التي لم تكن في أمة من الأمم المتقدمة، ولا يكون أحد بعدهم مثلهم في ذلك، فرضي الله عنهم أجمعين (٥).


(١) يُنظر: المستصفى في علم الأصول، لأبي حامد الغزالي (١٣٠).
(٢) حكى الإجماع ابن الصلاح. يُنظر: التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح، للعراقي (٣٠١).
(٣) يُنظر: الكفاية في علم الرواية، للخطيب البغدادي (٤٩).
(٤) شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة، للالكائي (١/ ٢٠٠).
(٥) الباعث الحثيث إلى اختصار علوم الحديث (١٣٥ - ١٣٦).

<<  <   >  >>