للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقدمة صحيحه عن غلط قول بعض المنتحلين لأهل الحديث في تصحيح الأسانيد وتضعيفها: لو ضربنا عن حكايته، وذكر فساده صفحًا لكان رأيًا متينًا، ومذهبًا صحيحًا، إذ الإعراض عن القول المطرح أحرى لإماتته، وإخمال ذكر قائله، وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيهًا للجهال عليه، غير أنا لما تخوفنا من شرور العواقب، واغترار الجهلة بمحدثات الأمور، وإسراعهم إلى اعتقاد خطأ المخطئين، والأقوال الساقطة عند العلماء، رأينا الكشف عن فساد قوله ورد مقالته بقدر ما يليق بها من الرد، أجدى على الأنام، وأحمد للعاقبة إن شاء الله (١). وكذلك الصحابة والتابعون قاموا بالذب عن السنة، وجهادهم معروف في حفظها.

فالمتأمل لكتاب الله يجد الرد على من لم يقبل أمر الرسول وحكمه، والمتتبع لهدي رسول الله يرى بيان حكم من رد حديثه ، وكذلك الصحابة والتابعون قاموا بالذب عن السنّة، وجهادهم معروف في حفظها، والرد على أعدائها، ثم أتباع التابعين ومن بعدهم من الأئمة الأعلام كالإمام الشافعي حيث تصدى للرد على منكري حجية السنة قديمًا كما تقدّمت الإشارة (٢) فقد جاء في كتابه «الأُم» وكتابه «جماع العلم» ردٌ على من أنكر السُّنَّة كلها، ودحض لأباطيلهم وشبهاتهم بردود قوية، وحجج دامغة (٣).

كما عَقَدَ فصلاً طويلاً في كتابه «الرسالة» لحجية خبر الآحاد والرد على من أنكرها (٤).

وكذلك تصدى للرد عليهم الإمام أحمد، وابن قتيبة، والدارمي، وغيرهم من الأئمة، بيد أن الإمام ابن قتيبة أطال النفس في تصديه لهم،


(١) مقدمة صحيح مسلم (١/ ٢٨).
(٢) راجع فضلاً (٥٦).
(٣) يُنظر: كتاب جماع العلم، باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها (٤ - ١٩) وكذلك كتاب الأم (٧/ ٢٥٠)، وقد لخّص د. مصطفى السباعي ردود الإمام الشافعي وجوابه على منكري السُّنَّة، بخمس نقاط موجزة في كتابه: السُّنَّة ومكانتها في التشريع (١٥٢) يُنصح بمراجعتها للفائدة.
(٤) يُنظر: الرسالة، للشافعي، خصص باب الحجة في تثبيت خبر الواحد (٣/ ٤٠٠ - ٤٧١).

<<  <   >  >>