للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأول الدول التي استُغلّت ووقع عليها الاختيار من قِبل المستشرقين هي الهند؛ لبُعد أكثر المسلمين عن الدين، وعدم المعرفة بالأحكام والحجج والبراهين، والجهل بقواعد اللغة العربية، فقاموا بدعم بعض الأفراد لإبراز آرائهم وإلباسها ثوب العلم والموضوعية، حتى انطلت حيلهم وأكاذيبهم على كثير من البسطاء والجهلة، ونجحوا في تحقيق خططهم، وعلى إثرهم ظهر القرآنيون (١).

فهؤلاء المستشرقون المنكرون للآثار الحديثية النبوية المروية المشككون بها، هدفهم الأول هو هدم الإسلام برمته؛ إذ يعتقدون أنهم بهدمهم سيجردون المسلمين من أقوى الأسلحة التي بها بقاء الدين الإسلامي وظهوره على باقي الملل والنحل؛ إذ إن السُّنَّة النبوية هي المبينة لكتاب الله، الشارحة لمجمله، المفصلة لأحكامه، وكذلك فإنها مقيدة لمطلقه مخصصة لعمومه، كل هذا وغيره من ارتباط لازم لا ينفك بين السُّنَّة والقرآن (٢).

وبالرغم من عدائهم وغياب روح الإنصاف وقصد الحقيقة، وسطوة الحقد والنوايا السيئة التي ينطلقون منها لدراسة العلوم الإسلامية وتشويهها، إلا أن الحق عليه نور، فإذا دخل القلب وشاء الله لصاحبه الهداية، لا يصده بعد ذلك ما كان في قلبه من قبل، ويتلاشى تلقائيًّا عنه كل العداء.

ودليل ذلك ما حصل للمستشرق النمساوي ليوبولد فايس (٣) الذي قام بالتعليق على صحيح البخاري وفهرسته عام (١٩٣٥ م) ثم أعلن إسلامه، وغيّر اسمه إلى محمد أسد، وألّف كتاب الإسلام على مفترق الطرق وذكر فيه


(١) يُنظر: شبهات القرآنيين حول السُّنَّة النبوية، لمحمود مزروعة (٤٢٦ - ٤٣٢).
(٢) يُنظر: موقف المستشرقين من السُّنَّة (١٦٧).
(٣) ليوبولد فايس: مستشرق نمساوي، أشهر إسلامه بعد أن اختلط بالمسلمين وعايشهم وغيّر اسمه إلى محمد أسد، أنشأ المجلة الثقافة الإسلامية في حيدر أباد الدكن (١٩٢٧ م) بمعاونة وليم بكتول مستشرق إنجليزي أسلم، ونشر في المجلة دراسات وافرة معظمها في تصحيح أخطاء المستشرقين عن الإسلام، وفضح الظلم التاريخي الذي تعرض له المسلمين من قِبل الصليبيين وحركة الاستعمار الحديثة، وكشف تحريف المبشرين وتشويههم لدين الإسلام. يُنظر: المستشرقون، لنجيب العقيقي (٢/ ٦٤٢)، مناهج المستشرقين، لرياض العمري (١/ ٢٣١).

<<  <   >  >>