للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومضمون ما جرى للأنبياء مع أقوامهم نجده مستوفيًا في القرآن الكريم، والسُّنَّة النبوية الصحيحة.

فالقرآن يحكي صورًا من الأمم الهالكة ومصارعهم الغابرة، من أولهم حتى آخرهم؛ للاتعاظ والاعتبار واجتناب الأسباب التي أدت إلى هلاكهم وتعذيبهم (١).

وما هلكت الأمم الغابرة، وأُعدّت لهم النيران في الآخرة إلا بالشرك والإباء عن التوحيد (٢)، والكفر بالله والتكذيب برسله والتمادي في المعاصي، والجرائم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فكان في قوم لوط مع الشرك إتيان الفواحش التي لم يسبقوا إليها؛ وفي عاد مع الشرك التجبر والتكبر والتوسع في الدنيا وشدة البطش وقولهم: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ [فصلت: ١٥] وفي أصحاب مدين مع الشرك الظلم في الأموال …

وكان عذاب كل أمة بحسب ذنوبهم وجرائمهم، فعذب قوم عاد بالريح الشديدة العاتية التي لا يقوم لها شيء.

وعذب قوم لوط بأنواع من العذاب لم يعذب بها أمة غيرهم، فجمع لهم بين الهلاك والرجم بالحجارة من السماء، وطمس الأبصار، وقلب ديارهم عليهم بأن جعل عاليها سافلها، والخسف بهم إلى أسفل سافلين.

وعذب قوم شعيب بالنار التي أحرقتهم وأحرقت تلك الأموال التي اكتسبوها بالظلم والعدوان.

وأما ثمود فأهلكهم بالصيحة فماتوا في الحال، فإذا كان هذا عذابه لهؤلاء وذنبهم مع الشرك عقر الناقة التي جعلها الله آية لهم، فمن انتهك محارم الله واستخف بأوامره ونواهيه وعقر عباده وسفك دماءهم كان أشد عذابًا.


(١) يُنظر: البداية والنهاية، لابن كثير (١/ ١١٢ - ٣٥٥).
(٢) يُنظر: معارج القبول، لحافظ الحكمي (٢/ ٤٨٦).

<<  <   >  >>