للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالاحتفال بذكرى المولد النبوي، والاحتفال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص شهر رجب بجملة من العبادات، … وغيرها من الأزمنة المُحدثة، التي يحرم إحياؤها ويمنع من عدة أوجه.

سأذكر بعضًا من الأدلة التي تؤكد تحريمها وأوجه منعها، منها:

١ أن الله أكمل الدين لهذه الأمة، وأتمّ النعمة، وأن الرسول بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة (١)، فمن أحدث في هذه الأمة شيئًا لم يكن عليه سلفها؛ فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيناً﴾ [المائدة: ٣]، فما لم يكن يومئذ دينًا؛ فلا يكون اليوم دينًا (٢).

٢ الأصل أن العبادات توقيفية، ومبناها على المنع والحظر، وهذا الأصل من القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية (٣)، فلا يُعبد الله إلا بما شرع، لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ *﴾ [الجاثية].

فالعبادات لا تثبت بآراء الناس وأهوائهم، وإنما تثبت بدليل من الكتاب والسُّنَّة الصحيحة؛ أي: أن المسلم لا يقوم بأي عبادة إلا إذا وقف على دليل شرعي صحيح يستند عليه.

فعدم ورود دليل يخصص تلك الأزمنة بالعبادة، يدل لزومًا على أنها من البدع المحدثة، وكل بدعة في الدين فهي محرمة وضلالة (٤)؛ لقوله : «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» (٥)،


(١) يُنظر: التحذير من البدع، لابن باز (٢٠).
(٢) مقولة إمام دار الهجرة الإمام مالك . يُنظر: الاعتصام، للشاطبي (١/ ٤٩٤).
(٣) يُنظر: جماع العلم، للشافعي (٣ - ٤)، وجامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر (٢/ ٣٢)، وللاستزادة في معرفة تفاصيل القاعدة وتحريراتها يُنظر: دراسة وتحقيق قاعدة الأصل في العبادات المنع، لمحمد الجيزاني (٧٩ - ٨٥).
(٤) يُنظر: عقيدة التوحيد، لصالح الفوزان (٢١٦).
(٥) أخرجه ابن حبان في صحيحه، المقدمة، ذكر وصف الفرقة الناجية من بين الفرق التي تفترق عليها أمة المصطفى (١/ ١٧٨/ ح ٥)، والحاكم في مستدركه، كتاب العلم، عليكم بسنتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين، (١/ ٩٥/ ح ٣٢٨)، (١/ ٩٦/ ح ٣٢٩ - ٣٣٠)، وأبو داود في سننه، كتاب السُّنَّة، باب في لزوم السُّنَّة (٤/ ٣٢٩/ ح ٤٦٠٧)، والترمذي في جامعه، أبواب العلم عن رسول الله ، باب ما جاء في الأخذ بالسُّنَّة واجتناب البدع (٤/ ٤٠٨/ ح ٢٦٧٦)، (٤/ ٤٠٩/ ح ٢٦٧٦)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، والدارمي في مسنده، مقدمة المؤلف، باب اتباع السُّنَّة (١/ ٢٢٨/ ح ٩٦)، وابن ماجه في سننه، أبواب السُّنَّة، باب اتباع سُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين (١/ ٢٨/ ح ٤٢)، (١/ ٢٩/ ح ٤٣)، (١/ ٣٠/ ح ٤٤)، صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٦/ ٥٢٦/ ح ٢٧٣٥).

<<  <   >  >>