للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مناقشة الدليل: لم ينزل النبي على ديار ثمود، وإنما جاءت في طريقه، وهو في غزوة تبوك، ولم يقصدها بالزيارة، فمرّ عليها مسرعًا (١)، ونهى الصحابة عن دخول ديار المعذبين إلا أن يكونوا باكين أو متباكين؛ خشية أن يصيب الزائرين ما أصاب المعذبين (٢).

الدليل الثالث: أن زيارة هذه الأماكن على غير وجه العبادة لا يوجد دليل صحيح صريح في منعه.

مناقشة الدليل: عدم وجود دليل يوجب المنع، ليس حجة على جوازه وإباحته، فقد يكون من السنن التركية، التي انتفى مانعها، مع توفر دواعيها ووسائلها (٣).

الترجيح:

الذي يظهر والله أعلم أن الراجح في حكم إحياء آثار مقامات النبي المكانية الثابتة، بالزيارة؛ للاطلاع والمشاهدة: هو الجواز إلا أنه يُمنع إذا لم يتقيّد الزائر بشروط وضوابط تُجنبه وقوع المحذور (٤).

إذ إن الأصل جواز الأفعال غير المُتعبد بها، بالإضافة إلى أنه لا توجد أدلة تمنع إحياءها بالزيارة، ولا أدلة ترغب بإحيائها؛ لكونها زيارة دنيوية لا دينية.


(١) ورد ذكر مرور النبي في صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾، (٤/ ١٤٩/ ح ٣٣٨٠)، وفي صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، (٤/ ٢٢٨٥/ ح ٢٩٨٠).
(٢) الشرح الممتع على زاد المستقنع، لابن عثيمين (٧/ ٣١٥).
(٣) يُنظر: الترك عند الأصوليين، لمحمد ملاح (٢٨).
(٤) من العلماء الذين قيدوا للزيارة شروطًا وضوابط: ما جاء عن الإمام أحمد كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٢٧١ - ٢٧٥)، وأشار أيضًا إلى قول الإمام أحمد مرعي الكرمي في شفاء الصدور (١٠٣)، وكذلك الشيخ محمد بن صالح العثيمين في اللقاءات الشهرية (٤/ ١٣٣)، والشيخ ربيع بن هادي في كتاب الأحكام (١٥/ ٣٦٣ - ٣٦٤)، والشيخ صالح الفوزان في تفسير الإمام محمد بن عبد الوهاب [الدرس ١٨] ١٤٣٤ هـ الدروس الصيفية لكبار العلماء، والشيخ سعد الشثري في حكم زيارة أماكن السيرة النبوية (٢٣).

<<  <   >  >>