للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في منطق مصلحة الإنسان في ذاته، ولا في منطق مصلحة المجتمع البشري.

فإذا تجاوزت حدودها كانت وحشاً مفترساً، أو ناراً هائجة ثائرة محرقة، أو سيلاً عرماً مدمراً، وكانت نذير شؤمٍ وخراب، وفوضى واضطراب، وصراعات بشرية تدمر الحضارات، وتمهد لأن تَحُلَّ بهم سنة الله في الذين خلوا من قبلهم، إهلاكٌ عامٌّ وعذاب أليم.

إن الحرية المقبولة المعقولة التي يقرها الإسلام تقع ضمن المجالات التاليات، وعلى وفق القيود المبينة فيها.

المجال الأول: حرّيّة الاعتقاد، فالإنسان المسؤول المكلف حرٌّ في هذه الحياة الدنيا في أن يؤمن بقلبه بما يشاء، من حقٍّ أو باطل، لكنه مُلاحَقٌ بالمسؤولية عند الله عزّ وجلّ عن اختياره الذي كان حُراً فيه، وكانت حريته هي مناط ابتلائه وامتحانه في الحياة الدنيا.

وهي هنا حرية الممتحن المسؤول، وليست حرية مطلقة خالية من المسؤولية والجزاء.

دل على هذه الحرية الملاحقة بالمسؤولية والجزاء عند الله عدة آيات قرآنية، منها قول الله عزّ وجلّ في سورة (الكهف/١٨ مصحف/٦٩ نزول) :

{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ... } .

ومنها قول الله عزّ وجلّ في سورة (البقرة/٢ مصحف/٨٧ نزول) :

{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ... } .

المجال الثاني: حرية العبادة على وفق الاعتقاد، والحرية هنا كسابقتها هي حرية الممتحن المسؤول الملاحق عند الله بالحساب والجزاء، وليست حرية مطلقةً خالية من المسؤولية والجزاء.

دلّ على هذه الحرية الملاحقة بالمسؤولية والجزاء الرباني، قول الله عزّ وجلّ في سورة (الزمر/٣٩ مصحف/٥٩ نزول) :

<<  <   >  >>