فتبسم أبو العباس ابتسامة ظهرت منها للرضا علامة فاشتعل الدب من القيظ وكاد يتمزق من الغيظ وعلم أن عقد أمره انفرط ونجم سعده من فلك السعد سقط وأنه لم يكتسب من مكايد القساوة إلا هاتيك العداوة وانكشف عند مالكه ما وطاه من مغطى وقرأ كل أحد حديث ذلك الموطأ وغلب عليه الوجد في الحال فخرج عن دائرة الاعتدال وسكر من خمرة العداوة فطفح وعربد وشطح فقال: كل من ستر على أعداء الملك فهو في الخيانة والجناية مشترك وكل من شفع في الجاني فهو في قيد العصيان عاني بل هو أشد من المباشر إذ هو معاشر للمتعاطي ومكاثر والإبقاء على المعصية شر منها والرضا بكفر الكافر فتنة يفر عنها وما أظنك أيها النديم العارف القديم لمعرفة هذا القدر عديم فإن أبيت إلا الإصرار ومساعدة الفجار ومعاونة الأشرار فأنت حينئذ مستخف لهيبة ولي نعمتك مستنقص حرمة مالك رقبتك طالب لابتذاله مستهين بمقام جلاله راض بتسليط الأنذال والأوغاد الأراذل على انتهاك حرمته وابتكاك أستار حشمته ونحن لا نرضى بذاء الذمامة ولا كيد للمخالف ولا كرامة فعند ذلك استشاط الغضنفر وتأثر لكلام الوزير وتغير وزأر وهمر وزفر زفرة وزمجر وكاد أن يثب على أبي جمهر ثم أنه تماسك وتناسى الغدر وتناسك وقال يا أبا سلمة كبرت كلمه غيمة الأصحاب والنميمة بين الأحباب وساءت حركة وبئست ملكه تناسى الحقوق وتحاشى العقوق