للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه من وجهين:

أحدهما: أنه ربما عاد بضعف القوى فأعجز الإنسان عن الكسب لعائلته ومنعه من إعفاف زوجته، وفي الصحيحين عن رسول الله أنه قال: «إن لزوجك عليك حقا» (١) فكم من فرض يضيع بهذا النفل.

والثاني: أنه يفوت الفضيلة؛ فإنه قد صح عن رسول الله أنه قال: «أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوما، ويفطر يوما (٢)». (٣)

وقد أطال الإمام ابن الجوزي في ذكر صور كثيرة من تلبيس الشيطان على العباد في هذا الباب مما يدل على أهمية ضبطه، والتفقه فيه.

كما ذكر الإمام ابن القيم أن تلبيس الشيطان على العباد في هذه المسألة هي إحدى العقبات الست التي يصرف بها العباد عن الطاعة وعما يحب الله من العباد.

قال : «العقبة السادسة: وهي عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات، فأمره بها وحسنها في عينه، وزينها له، وأراه ما فيها من الفضل والربح ليشغله بها عما هو أفضل منها وأعظم كسبا وربحا؛ لأنه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب طمع في تخسيره كماله وفضله، ودرجاته العالية، فشغله بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الراجح، وبالمحبوب عن الأحب، وبالمرضي عن الأرضى له». (٤)

وصدق والله هذان الإمامان الجليلان، فكم كاد الشيطان للإنسان في هذا


(١) أخرجه البخاري، الصحيح مع الفتح (٤/ ٢١٧) ح: (١٩٧٥)، ومسلم (٢/ ٨١٧٨١٨)، وهو جزء من وصية النبي المشهورة لعبد الله بن عمرو .
(٢) قطعة من وصية النبي لعبد الله بن عمرو وقد تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
(٣) تلبيس إبليس ص: (٢٠٣ - ٢٠٤).
(٤) مدارج السالكين (١/ ٢٢٥).

<<  <   >  >>