للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في جواب سؤال: «أيما طلب القرآن أو العلم أفضل»؟

«الجواب: أما العلم الذي يجب على الإنسان عينا كعلم ما أمر الله به، وما نهى الله عنه فهو مقدم على حفظ ما لا يجب من القرآن؛ فإن طلب العلم الأول واجب، وطلب الثاني مستحب، والواجب مقدم على المستحب». (١)

وقال الحافظ ابن رجب : «أداء الواجبات كلها أفضل من التنفل بالحج والعمرة، وغيرها؛ فإنه ما تقرب العباد إلى الله تعالى بأحب إليه من أداء ما افترض عليهم». (٢)

وأقوال العلماء في هذا كثيرة مشهورة، ومن هذا الباب شدة إنكار السلف على من اشتغل بالنوافل عن الفرائض، أو أدى اشتغاله بالنوافل إلى ضعفه عن أداء الفرائض، على ما جاء في قصة رجل في زمن التابعين كان يصوم، ويواصل حتى يعجز عن القيام، فكان يصلي الفرض جالسا فأنكروا ذلك عليه حتى قال عمرو بن ميمون: «لو أدرك هذا أصحاب محمد لرجموه». (٣)

وقال ابن حجر: قال بعض الأكابر: «من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور». (٤)

فتقرر بهذا تفضيل الفرائض على النوافل، وأن النوافل مهما بلغت لا تبلغ درجة الفرائض في الأجر والثواب عند الله، بل صرح السلف أن النوافل لا تكون مقبولة عند الله حتى تؤدى الفرائض.

وهذا التقرير هو مقتضى النصوص والله أعلم، وهو الذي تظافرت عليه أقوال السلف، والأئمة المتقدمين، وعليه عامة أهل العلم من بعدهم.


(١) الفتاوي الكبرى (٢/ ٢٣٤)، ومجموع الفتاوى (٢٣/ ٥٤).
(٢) لطائف المعارف (ص: ٤٤٢).
(٣) أورده ابن رجب في لطائف المعارف (ص: ٤٤٧).
(٤) فتح الباري (١١/ ٣٤٣).

<<  <   >  >>