للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يستفصل عند الإجابة عن أحوال السائلين، وهذا أمر مقرر في باب الأصول؛ أن عدم استفصال النبي عند السؤال عن الحال يُنزّل منزلة العموم القولي؛ إذ لو كان الحكم يتنزل على التفصيل لاستفصل عن الحال للحاجة إليه.

قال الإمام الشافعي: «ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال، ينزله منزلة العموم في المقال». (١)

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: «وقد تقرر في الأصول أن عدم الاستفصال من النبي أي طلب التفصيل في أحوال الواقعة ينزل منزلة العموم القولي، وإليه أشار في مراقي السعود بقوله:

ونزلن ترك الاستفصال منزلة العموم من الأقوال» (٢)

فتخصيص إجابة النبي عن أفضل العمل بالسائلين، وأن الإجابة اختلفت باختلاف أحوالهم، تخصيص لعموم النص من غير دليل على التخصيص.

يقول الإمام الشافعي مقررا عدم جواز تخصيص النصوص إلا بدليل: «ولا يقال بخاص في كتاب الله ولا سنة إلا بدلالة فيهما، أو في واحد منهما. ولا يقال بخاص حتى تكون الآية تحتمل أن يكون أريد بها ذلك الخاص، فأما ما لم تكن محتملة، له فلا يقال فيها بما لم تحتمل الآية». (٣)

الأمر الثاني: أنه ثبت عن النبي أنه أخبر ابتداء، من غير سؤال عن تفضيل بعض الأعمال، فتنوعت الأحاديث في ذلك على نحو ما جاء في إجابة السائلين، كما جاء في حديث ثوبان عن النبي أنه قال: «استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن». (٤)


(١) المحصول لمحمد بن عمر الرازي (٢/ ٦٣١)، والمسودة في أصول الفقه لآل تيمية ص: ٩٨
(٢) أضواء البيان (٥/ ١٠٠).
(٣) الرسالة للإمام الشافعي (ص: ٢٠٧).
(٤) أخرجه ابن ماجه (١/ ١٠١) ح: (٢٧٧)، والدارمي (١/ ١٧٥) ح: (٦٥٦)، وأحمد (٥/ ٢٧٧، ٢٨٢)، والبيهقي في السنن الكبرى (١/ ٦٧٠)، والحاكم في المستدرك (١/ ٢٢١) ح: (٤٤٩).
وقد صححه الألباني، ونقل تصحيحه عن جمع من أهل العلم. انظر إرواء الغليل (١/ ١٣٥) ح: (٤١٢)، وحاشية مشكاة المصابيح (١/ ٩٦).

<<  <   >  >>