أن طعنه على الإمام أحمد هنا إنما هو طعن على أهل السنة قاطبة؛ فإن القول بتكفير مَنْ قال بخلق القرآن مما أجمع عليه أهل السنة ولم ينفرد به أحمد عن غيره من الأئمة.
وهاهي ذي بعض أقوالهم في ذلك:
أخرج الخلال في كتاب (السنة) عن زكريا بن عدي قال: «سمعت أبا بكر بن عياش، وحفص بن غياث، وابن إدريس، ووكيع بن الجراح كلهم يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومَن قال: مخلوق؛ فهو كافر، قال ابن إدريس: يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه»(١).
وروى عن حسن بن الربيع قال: «لما دار في الناس ووقع فيهم ذكر القرآن مضيت أنا وحسن الحلبدي -وكان من أفضل المسلمين- إلى أبي بكر بن عياش فقلنا لإبراهيم ابنه: استأذن لنا عليه. فقال: ادخلوا. فدخلنا. فقلنا: يا أبا بكرٍ، ما ترى ما قد دار في الناس ووقع فيهم؟ فقال: وما هو؟ قال: قلنا: يقولون القرآن مخلوق. فقال: ولِمَ جئتُموني، ولِمَ أخبرتُموني بهذا؟ مَنْ قال هذا فهو كافر بالله.
قال: ثم مضينا من عنده فأتينا وكيع بن الجراح فقلنا: يا أبا سفيان، ما ترى ما قد دار في الناس ووقع فيهم؟ فقال: ما هو؟ قلنا: يقال: القرآن مخلوق. فقال: ولم جئتموني ولم ألقيتم هذا في خلدي؟ مَنْ قال هذا فهو كافر بالله العظيم.
فمضينا من عنده وأتينا حفص بن غياث وكان جالسًا على داكن فقلنا: يا أبا عمر،