وعلى هذا، فإن العلماء إذا أطلقوا القول بتكفير طائفةٍ اشتهرت بقولٍ مكفرٍ لا يستلزم تكفير كل فردٍ من هذه الطائفة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:«مع أن أحمد لم يكفر أعيان الجهمية، ولا كل مَنْ قال إنه جهمي كفره، ولا كل مَنْ وافق الجهمية في بعض بدعهم، بل صلى خلف الجهمية»(١).
وبهذا يعلم أن ما وجد في كتب العلماء أو ما نقل عنهم من تكفير طائفةٍ من الطوائف المتلبسة ببعض الأقوال أو الأعمال المكفرة أنه لا يستلزم تكفير ذلك العالم لكل فردٍ من أفراد هذه الطائفة حتى تقوم عليهم الحجة، كما أنه من باب أولى إذا ما أطلق ذلك العالم الكفر على فعلٍ أو قولٍ ما ألا يستلزم تكفير مَنْ فعله أو قال به إلا بعد قيام الحجة على ذلك المعين.
وما يشنع به المالكي على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه من بعده مدعيًا تكفيرهم للمسلمين كثير منه هو من هذا الباب، لكن هذا الجاهل لما جهل طريقة العلماء في ذلك ظن أن هذا يستلزم تكفير المعين؛ فجمع بين الجهل بمذهبهم وكلامهم وبين الكذب عليهم واتهامهم.
أما الرد المفصل:
فما ذكره من أمثلة لما ادعاه من تكفير أولئك العلماء للمسلمين فغير صحيحٍ، فإما أن يكون من قِبَل التكفير المطلق، وإما أن يكون لبعض المعينين المستحقين لذلك الحكم.